هل يتعلم الطفل قبل أن يسلك طريقه نحو تحصيل الثقافة أم أنه يجب أن يمتلك من الثقافة اللازمة ما يكفيه أولاً كي يمضي في طريق الاستزادة من العلم والدراسة بالاعتماد عليها؟، وإذا كان معنى الثقافة هو صقل النفس والسلوك وإجادة ما يؤدي إلى العلم الصحيح والفطنة فيه وتعريف التعليم بأنه تهذيب الروح والفكر وتزويدهما بالثقافة اللازمة لمستقبل ناجح، فهل يمكن أن يعيش أحدهما بغير الآخر وهل يمكن أن يبدأ الإنسان حياته بالثقافة أولاً ثم يستكملها بالتعليم أم العكس هو الصحيح أو أن عليه المضي بالتوازي بين الاثنين؟
وتبدو علاقة الثقافة بالتعليم مثل علاقة الدجاجة والبيضة ومن منهما ولد أولاً ولماذا ولد أحدهما قبل الآخر. ورغم أن علماء من جامعتي شفيلد وورويك في بريطانيا قالوا في عام 2010 بأنهم قد حلوا لغز الدجاجة والبيضة ، ولكن لم يعد غريباً أن تخرج علينا نظريات أو دراسات علمية مختلفة تغير كل ما سبق وتعيد البحث من بدايته.
ورغم هذا لا يزال البعض ينظر إلى الثقافة على أنها نشاط أو مرحلة مختلفة ومنفصلة عن التعليم وهي كيان النخبة في المجتمعات وتتمحور حول مجالات ومواضيع معينة تضاف إلى حصيلة الفرد، لكنها لا تقلل من شأنه فيمكن أن يختار منها الناس ما يريدون أو يتركوها بحسب ما يشاؤون فلا يتأثرون بغيابها ولا تؤثر فيهم بحضورها. ويكفي برأي هؤلاء أن يتعلم الإنسان في المدارس والجامعات ويحصل على شهادة ليتم اعتماده ضمن قوائم المثقفين مباشرة، وهذا ما سيغنيه عن الكثير من البحث والتدريب والقراءة والدراسة وصقل المهارات والأفكار وتقويم المسلك والأفعال.
وربما يكون الفصل بين التعليم والثقافة في نظر ورأي البعض سببه انفصال المؤسسات الرسمية التعليمية عن الثقافية وهو ما أربك مفهوم اندماج الاثنين، لكن الواقع يؤكد دائماً على أنهما ينضويان أسفل مظلة واحدة وقد خلقا لاستكمال دور رئيس ألا وهو العمل جنباً إلى جنب لتنمية أجيال متعلمة ومثقفة تعي أهمية الجمع بين الاثنين وضرورة توازنهما وتدرك بأن العلم والثقافة صنوان لا ينفصلان عن بعضهما البعض ولا يمكن الارتقاء بالمجتمعات بغيرهما.
basema.younes@gmail.com