«إشراقات» سلسلة إبداعات شابة تدعمها وترعى مبدعيها دائرة الثقافة بالشارقة، ونتاجاتها تصب في تدعيم رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في رفد الساحة المحلية والعربية بنتاج إبداعي وفكري، وإثراء المكتبات العربية بفضاءات تتجلى بأفكار شابة خلاقة، ومرئيات تتماهى مع صورة التجديد في الحوار ومعطياته.
مجموعة قصصية للكاتبة الشابة بدرية الشامسي، بعنوان «حاسة كاذبة جداً» صدرت ضمن السلسلة، وضمت العناوين التالية: ذاكرة مصابة بالطاولات، خلية نحل، مقبرة سرية، حتى لا أرى الأشباح، الفراغ، لا، كعكة جزر، الكوس، بروتوكول للمواقف، الثالثة قلقاً، جميلات الإشاعة، يوم بلا وجه، رأي هنا.
العناوين ملهمة لمزيد من البوح في سلسة متشابكة من الطرح، متناغمة مع بساطة التراكيب في حياة البشر المعقدة، وفيها استلهام شفيف للدواخل وتناقضات الأنفس الذاهبة إلى تأويلات عدة وتفسيرات شتى، تصب في محاور مشتغلة من قبل الكاتبة على تفاصيل الحياة.
تعدد الوجوه وثورة الأقنعة، سيل الصور الجارف والقلق المتواتر المزعوم «لا شيء أكثر متعة من القلق إلا جرعات مضاعفة منه».. هكذا تقبض الشامسي على حقيقة مرّة في زمن متغير بعثر الكثير من الأوراق الضرورية لبقاء الإنسان الحر بكرامة، رغم القهر والذل والضياع والتيه والحرمان والسلب والقتل ورائحة الكراهية المتفشية في شتى بقاع العالم، بكل بساطة تترجم ذلك بقصة قصيرة تحمل عنوان «الثالثة قلقاً».
في تطواف مع سلاسة الكلمة وجزالة الجملة وعمق المعنى، نجد الشامسي تعبر عن المحيط الغارق في الفوضى من تورم وتضخم في التعايش مع قشور الموضة، ومع الانصياع نحو زيف التجارب وقفزات التطلع نحو وهم السعادة ووهم الإنجاز، والتبلد في المجتمع المترف، وعدم القدرة على مواجهة قضايا الإنسانية.
هذا العالم المنفتح، حَوَّلَنا إلى أشباه بشر وأشباه فكر، وأشباه معنى، والشامسي تسهم بإبداعها بشكل خلاق في إمكانية العودة للجمال والجوهر، وغنى الصورة وعمقها في واقع معاش، تفاصيله من كثرتها وتداخلاتها مهيبة، إلّا أن التعايش سمة، والقدرة عليها إبداع، والمساهمة في وضعها بقوالب قابلة للتأويل والتشكل الجديد إشراق يستحق الإضاءة عليه.
عائشة مصبح العاجل