الأصول البيولوجية للسلوك البشري

يحاول «تيموثي جولد سميث» في كتابه: «الأصول البيولوجية للسلوك البشري»، الذي ترجمه إلى العربية ناظم محروس ومحمد شحات، أن يبرهن على أن هناك علاقة تطورية وثيقة للسلوك الذي يبديه الإنسان مع التطور البيولوجي (الأحيائي) سواء كان هذا السلوك عن قصد أم عن غير قصد، مستنداً في ذلك إلى دلائل وظواهر بيولوجية.
تعمد المؤلف في هذا الكتاب اللجوء إلى التاريخ الأحيائي مستحضراً أمثلة لأحداث بيولوجية تقوم بها أنواع حيوانية؛ وذلك بهدف إقامة علاقة سلوكية تربط بين السلوك البشري وسلوك الأنواع الحيوانية الأدنى منه مرتبة من الناحية التطورية، وفي ذلك إبداع ملحوظ عندما حاول المؤلف إثبات أن ثمة علاقة وثيقة بين ما نبديه نحن البشر من تصرفات، وسلوكيات عديدة تقوم بها أنواع حية عديدة، وهذا يشير (من خلال وجهة نظر المؤلف) إلى أن العلاقة السلوكية التطورية التي تربطنا نحن البشر بسلوكيات تبديها أنواع أقل منا تطوراً، ذات صلة بالتطور الفسيولوجي للجهاز العصبي، الذي حدث منذ ملايين الأعوام الماضية، أي أن تطور السلوك هو في حقيقته تطور عصبي، وبقدر من التعقيد الشديد الذي حدث في تركيب جهازنا العصبي ووظيفته.
يرى الكتاب أنه حدث أن ترافق مع ذلك تعقيد شديد في تصرفاتنا نحن البشر، فليس هناك أحد بمقدوره أن ينكر أن الإنسان هو أعقد الكائنات من الناحية السلوكية دون منازع، على الرغم من وجود تباين وتنوع ثقافي بين المجتمعات البشرية في إبداء الكثير من التصرفات ذات المرجعية الغريزية، والسؤال الذي يطرحه الكاتب، ويحاول أن يجيب عنه في نفس الكتاب هو: هل تم طهي سلوكياتنا وإعدادها في مطبخ التطور عبر تاريخ طويل من التحولات السلوكية والفسيولوجية؟
قام جولد سميث في هذا الكتاب بتناول أحد الجوانب التطورية ممثلاً في السلوك البشري وعلاقته بالطبيعة المزدوجة للمؤثرات السلوكية التي يتحكم فيها البرنامج الوراثي؛ حيث يعتبر ذلك الأخير هو إحدى ثمرات التطور ذاته، فالعامل السببي المتمثل في البرنامج الوراثي يعتبر بحق سمة عظيمة لدى الكائنات الحية التي تبدي سلوكيات معينة، إضافة إلى ذلك نجد أن هذا الكتاب قد تطرق إلى جانب بيولوجي فلسفي يتعلق بالقوانين السلوكية ذات المرجعية، مثل: التنافس، اختيار الأنثى، الانتقاء، التعاقب، السيطرة.