استضاف بيت الشعر في الشارقة مساء أمس الأول ضمن منتدى الثلاثاء الشعراء الفائزين بجائزة الشارقة للإبداع العربي، الإصدار الأول في دورتها التاسعة عشرة في مجال الشعر، وهم أحمد عبده الجهمي وإبراهيم عيسى الأسلمي من اليمن، ومحمد إسماعيل سويلم من مصر، وقد قدم الأمسية الباحث حمادة عبداللطيف.
قال محمد البريكي مدير بيت الشعر بهذه المناسبة: «إن بيت الشعر في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة يسعى دائماً إلى الاحتفاء بكل المبدعين انطلاقاً من دوره وأهدافه التي تأسس عليها منذ عام 1997، والبيت يواصل مسيرته من خلال ما يحظى به من دعم سخي ومتابعة دائمة من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي يقدم للثقافة والأدب والشعر وجميع الفنون الإنسانية دعماً غير محدود، ونحن بهذا الدعم نجتهد من أجل تحقيق رؤية سموه النيرة، وكما أقول دائماً إن سموه يسعى إلى تكريم الشعر وأهله، ولذلك أطلق مبادرة كريمة خلال مهرجان الشارقة للشعر العربي في العام 2015 بإنشاء 1000 بيت شعر في أقطار الوطن العربي، وهذا في حد ذاته تشريف واعتراف بمكانة الشعر وأنه ديوان العرب الخالد».
بدأت الأمسية بقراءات للشاعر أحمد عبده الجهمي الفائز بالمركز الأول من ديوانه «لا هدهد اليوم»، وغلب على قراءاته نبرة حزن طافية، وكيف لا يحزن شاعر يمني في هذا الواقع المدثر بعباءات الدم، يقول الجهمي من قصيدة «من يقطفُ الغيم دوني»:
كانَ طفلًا مُدثّـراً بِالبـرَاءَة
تَركضُ الشَّمسُ كُلَّ صُبْحٍ
وراءَهْ
مِنْ أَمَانيهِ غَيْمَةٌ تحجُبُ الحرَّ
وإن كانتِ الجـــروحُ رِداءَهْ
كُلَّ يومٍ يحوكُ حُلمًا جَديدًا
ويُدلّـي على الرِّمال ِ نقاءَهْ
كَانَ طفلاً
وللمدى منهُ شبَّابةُ راعٍ
يبثُّ حرًا غِناءَه
وربابُ أختُهُ
تشاكسُ نجمًا بينَ أهدابهِ
وتحسو حياءَهْ
عجنَ الطِّينَ كيْ يؤثثَ ملكًـا
لحماقاتِهِ، فأعلى بناءَه
فإذا بالرِّياحِ تطمسُ
كي يبنيَ أخرىْ
ولا يلومُ غباءَهْ
..
إيهِ يا موتُ لو قرأتَ حَنَايَاهُ
لما رُمْتَ - عَابِثًـا - أشَلاءَه
أيُّ جُرم ٍ أدناكَ منهُ !
لتغتالَ على كفِّهِ
حمامَ البراءَة !
أبيضٌ قلبُهُ وما اسودَّ إلا
عندما مدَّ للحياةِ
رجاءَهْ
الشاعر إبراهيم عيسى الأسلمي الحائز على المركز الثاني قرأ مجموعة من النصوص التي احتواها ديوانه «أتيت مبكراً يا حزن»، وبدوره كانت نبرة الحزن طاغية على شعره، فهو يبدو في قصائده هارباً من المأساة يبحث عن مخرج لكن كل الدروب تؤدي به إلى الألم، رغم أن حلمه أخضر وخطاه عاشقة، وما زال يرسم الفرح على وجه الغيم، لكن الزمن يعاكس دربه، ويقطع بالألم طريقه نحو الفرح، يقول من ديوان «أتيت مبكّراً يا حُزْنُ» من قصيدة «نجاةٌ تطاردني»:
لم يبــقَ لي وَطَنٌ يلمُّ شَتَاتي
ريحٌ أنا.. والتائهون حُداتي
أنا عابرٌ..
فوق الضلالِ إلى الهدى
وجهاتُ بوصلةِ السرابِ جهاتي
أنداحُ مثلَ الليلِ نحوَ مواجعي
فأعودُ مصـلوباً على خَـيبـاتي
غبقتْ..
من اللّفْحِ المعتّقِ. سُمْرتي
وتنكّرتْ لملامحي مرآتي
كلُّ الدروبِ
- إذا اقتربتُ - بعيدةٌ
حتى المنافي أنكَرَتْ خُطواتي
لا حقلَ.. إلا واستحالَ مفازةً
ضلَّتْ مكانَ هطولِها غيماتي
نسيَتْ تقاسيمُ الضفافِ سفينتي
وتجمّدتْ..بذهولِها، مَرْساتي
الشاعر محمد إسماعيل سويلم الفائز بالمركز الثالث قرأ من ديوانه «أطفئوا الزيتون ليلاً»، وقد عكست قراءته حيرة الشاعر أمام الحياة العابثة التي يبحث فيها عن وضوح، وهي تأبى إلا أن تكون غامضة، وأن تكون دروبها ملتوية، فتعبث بمصائر البشر كالريح عندما تعبث بالرمل فتشكله كيف تشاء، يقول من قصيدة «نزيف البلابل»:
أغنّي لمن
يا نزيفَ البلابلْ
وأبكي لمنْ؟
والضحيةُ قاتلْ
وأعمى يُقبِّلُ جلادَهُ
وصبحُ الحقيقةِ
في الليلِ راحلْ
ألم تكفِ هذي الدما
لتُضيءَ؟
ونحملُ أجسادَنا كالمشاعلْ
سيتّسعُ الجرحُ
ما بيننا
ونزفي كنزفكَ بالروح هاطلْ
وما زال وقتٌ لأصرخ فيك
أحبكَ قبل انهيارِ
المنازلْ.