Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18097

«السونيتات».. العمل المظلوم في العربية

$
0
0
القاهرة: «الخليج»

طغت شهرة شكسبير كاتباً مسرحياً، حتى غطت على بقية المجالات الإبداعية، التي برع فيها كما أن التراجيديات الأربع «هاملت ـ شكسبيرـ الملك لير ـ عطيل» ظلت هي الأكثر شهرة بين أعماله المسرحية، وفي هذا الإطار تم تجاهل ترجمة «سونيتات شكسبير» تماماً، ربما لصعوبتها، حيث كتبت منذ حوالي أربعة قرون، في السنوات السبع الأخيرة من القرن السادس عشر. رغم أن إنسانيتها تتمثل في معانيها التي تتحدث إلى الإنسان في كل زمان ومكان عن كثير من شواغل الدنيا: الحب، الجمال، الحسد، الموت، الكراهية، الخداع، الشهوة، الطفولة، الغضب، الألم، وكل ما يعيشه الإنسان من تقلبات الحياة، صعوداً وهبوطاً.
انتهى الدكتور محمد عناني من ترجمة حديثة لسونيتات شكسبير، لكن يظل للشاعر الراحل بدر توفيق فضل السبق في هذا الاتجاه، فقد ترجم السونيتات كاملة وأصدرها مع نصها الإنجليزي، وهو يقول: «أليس هذا كله جديراً بالتفاني في ترجمتها إلى العربية، بعد أن سبقتنا دول العالم في ترجمتها إلى لغات شعوبها منذ زمان بعيد؟ في فرنسا مثلاً ترجمت هذه السونيتات 26 ترجمة في الفترة من 1821 إلى 1970».
«السونيت» شكل فني لقصيدة تتكون من 14 سطراً، يتكون كل سطر فيها من عشرة مقاطع صوتية، ولقوافيها نظام خاص يلتزم به الشاعر، وتنقسم السونيت إلى أربعة مقاطع، تتكون المقاطع الثلاثة الأولى من أربعة سطور، ويتكون المقطع الأخير من سطرين، وتنتظم القوافي في المقاطع الثلاثة الأولى، لتكون قافية السطر الأول هي قافية السطر الثالث، وقافية السطر الثاني هي قافية السطر الرابع، في كل مقطع على حدة، بحيث لا تتكرر في المقطعين التاليين، أما المقطع الأخير المكون من سطرين فينتهي بقافية ثنائية.
يوضح بدر توفيق: «لم تقتصر كتابة السونيتات على شكسبير فقط، فقد كتبها أيضاً معاصروه من الشعراء، لكن شكسبير كان أغزرهم إنتاجاً، وأبرزهم في كتابة المسرحيات الشعرية، التراجيدية والكوميدية والتاريخية، كان أيضاً أغزرهم وأبرزهم في كتابة السونيتات التي بلغ عددهم 154، والتي دفعت النقاد، بسبب قيمتها الأدبية والإنسانية، إلى حد القول: «إن شكسبير لو لم يكتب شيئاً سواها لكانت كافية لوضعه في مكان الصدارة بين شعراء العالم، فما السمت الذي يبلغه نجم شكسبير لو أضفنا إلى سونيتاته، ملامحه الشعرية وقصائده، التي يقارب حجمها ضعف حجم السونيتات بأكملها، ثم أضفنا إلى ذلك أعماله المسرحية التي تبلغ 37 عملاً».
حين نقرأ السونيتات من رقم 1 إلى 126 نجدها تتحدث عن شخص ما، أو تخاطب ذلك الشخص الذي كتب الناشر الحرفين الأولين من اسمه في الإهداء، وذلك هو القسم الأول منها، أما القسم الثاني من رقم 127 إلى 152 فيعبر فيه شكسبير عن تجربته مع معشوقته التي وصفها في تلك السونيتات بالسواد، حتى أصبحت تعرف بالسيدة القاتمة، فهو يخاطبها في السونيت 131 يقول: «إنك لست سوداء في شيء سوى ما تفعلين» ويدافع عن حبها لها في السونيت 132 بقوله: «أقسم أن اللون الأسود هو الجمال بعينه» وحين يعتصره ألم خيانتها مع صديقه الوحيد يقول: «أقسم أنك رائعة، واعتقدت أنك ساطعة، بينما أنت سوداء كالجحيم، مظلمة كالليل».
ويعالج شكسبير في السونيت 152 و154 أسطورة كيوبيد وشعلته الغرامية، وفي الجزء الأول من السونيتات يحث صديقه الشاب على الزواج وإنجاب الأطفال، مستلهماً قصصاً من الإنجيل، ففي أحد السونيتات يقول: هل يبلغ الرجل حداً من الحماقة أكثر من أن يصبح قبراً لأنانيته، ومانعاً لمجيء الأجيال الجديدة؟ وفي سونيت آخر يقول: «الجمال الذي يستثمر لا بد أن يثوى معك في قبرك، والذي لو استخدمته لأثمر لك وريثاً في هذه الدنيا» وفي سونيت 12 يقول: «لا شيء يصلح للدفاع ضد منجل الزمن سوى النسل الذي يتحداه حين يلبسك الكفن» ويستهل شكسبير هذا الجزء بقوله في السونيت الأول: «نحن نبغي المزيد من أحلى الكائنات، كيلا تموت وردة الجمال أبداً».
في الجزء الثاني من السونيتات يتناول شكسبير مشكلة التحولات والتغيرات وتأثير الزمن في صديقه، والخلود الذي يحققه الشعر لهذا الصديق، ضد التجاعيد البغيضة، والموت الذي لا مفر منه، وفي الجزء الثالث، وهو مكون من تسع سونيتات، يعبر شكسبير عن غضبه وسخطه، على المستويين الشخصي والفني، وقد خرج على النظام المعهود في السونيتات في بعض ما كتب.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 18097

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>