درة القلب

القارئ لقصيدة سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي، الجديدة، يدرك أنه أمام شاعر عاشق لتراب وطنه، وهواء بلاده، وأماكن ذكرياته الأولى.
تفتتح القصيدة بحديث الشاعر إلى صديق متخيل، يتخذ منه سموه رفيقاً يبثه ما يجيش في صدره من مشاعر وأحاسيس، وهنا تمهيد للمتلقي بأن الشاعر سوف يتناول مسألة على قدر كبير من الأهمية والخصوصية والشحنة العاطفية: «صاحبي يا فاهم قصدي ترى ما كل ديره/‏ آتمشى في حدايقها وينعشني هواها. إتاسر قلبي لو ان نفسي في راحتها أسيره. كم بلاد يمرها قلبي واذا سافر نساها»، هنا الشاعر يتحدث عن رحلاته وجولاته في بلاد العالم التي تمتلئ بالجمال، ولكنه جمال يفتقد إلى شيء مهم، شيء يشعر معه سموه بالغربة، تجعل راحته أسيرة، تجعله يفتقد الرضا والسعادة، والأهم لا يلبث أن ينسى هذه البلاد بمجرد أن يغادرها. فما يمكث في القلب ويبقى إلى الأبد هو الوطن.
تتعدد الصور التي يستخدمها سموه في القصيدة ليدعم فكرته، عشق الإمارات، أغلى الأوطان: «والله انها أوّل احباب المشاعر والأخيرة/‏ يا عساني فدوة أوّلها وفدوة منتهاها»، هنا الشاعر يقدم نفسه فداء لوطنه، ذلك الوطن الذي يستحق كل هذا العشق بوصفه المكان الأول الذي تفتحت فيه عين الشاعر، أو ذلك المكان الذي هو بمثابة خزان لذكرياته، وهو أيضاً وطن المجد.
وينتقل سموه بعد ذلك للحديث عن الكثير من المعاني والمفردات التي تصل في النهاية إلى هدفه الرئيسي، فالنفس لا تهدأ إلا في الوطن، أما في الخارج فربما تنتابها الأفكار المحيرة التي تنتاب قلب الشاعر وعقله: هي قصيدة شاعر وضح لك اللي في ضميره/‏ إيعرف وش علّته لكن يجهل وش دواها»، وفي أحد المقاطع يتحدث بلسان الحكمة باحثاً في مفردة السعادة، وفي مقطع آخر يتأمل في تقلبات الزمن، ويلعب على ما يمكن أن تثيره المفردتان من قلق بالنسبة لأي شاعر، يقول: والقدر على وتيره.. والعمر على وتيره/‏ والثنين لبعضهم يمشون والدنيا عطاها»، ويقول عن السعادة ومفارقاتها: «السعادة لو تباع ف سوق الأحزان الكثيره/‏ كل واحد يعتريه الحزن تلقاه اشتراها. السعادة ما اشترتها روس الاموال الوفيرة/‏ شوف كم تاجر يدوّرها ولكن ما لقاها». السعادة إذاً، ليست في الثراء ولكنها في «شي يسمو بالنفوس». ويخرج الشاعر من حيرته ومن تأملاته ليقول في خاتمة القصيدة ما يود إيصاله إلى المتلقي: السامع والقارئ: المهم ان (لندن) اللي مسكها يخالط عبيره/‏ أغلى منها هوا أرض (الإمارات) وثراها. فالوطن لدى سمو ولي عهد دبي منتهى الطلب ودرة القلب.