«أكدت باستمرار، وكل يوم تترسخ قناعاتي بما أكدته سابقاً، بأنني أنا بدرو مارتينث مونتابث، كفرد ومستعرب محترف، وكائن إنساني، ورجل من زمنه، لا يمكن أن أفهم من دون مصر، هذه هي حقيقتي التي تتوافق تماماً مع سيرتي، فمن وجوه عدة تبلورت أناي بما قمت بمعرفته وإنجازه في الديار المصرية»، هكذا تكلم المستعرب الإسباني الكبير بدرو مارتينث مونتابث في الكتاب الذي أعدته وترجمته إلى العربية أثير محمد علي بعنوان «فسيفساء لذاكرة حاضرة»، وصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة في القاهرة، والواقع أن للفترة التي عاشها بدرو في مصر، وهي خمس سنوات (1957-1962)، دخلاً في ذلك، فقد كانت تلك هي سنوات الزخم التحرري والاعتزاز بالاستقلال وفورة الإنجاز في الزمن الناصري.
نتعرف من خلال هذا الكتاب إلى صورة حية ومتوهجة عن الحرب الأهلية الإسبانية، وما جنته على البشر، الأطفال منهم خاصة، ويكشف لنا البوح أيضاً كيف لاحقت أوجاع الحرب الفريق الذي انهزم فيها، وكيف أدت خيارات الأب الصائبة في الانضمام لفريق الحرية والتقدم، إلى سجنه ومعاناته من شظف العيش مع أسرته، وكان الابن بدرو معتزاً بأصوله الأندلسية، وبدلاً من دراسة العلوم السياسية في ظل حكم فاشي، توجه الابن بدلاً من ذلك إلى دراسة التاريخ واللغات السامية، خاصة العربية، وكانت النقلة المعرفية الكبرى في حياته بعد التخرج، حينما حصل على منحة للدراسة في مصر.
في مصر أصبح بدرو جسراً حقيقياً بين الثقافتين العربية والإسبانية، ويحكي في هذا الكتاب عن عدد من المثقفين المصريين الذين عرفهم أثناء إقامته المصرية، وعن تأثير بعضهم الفكري، أو الإنساني فيه، وعن اهتمامه بعوالم البعض وإنتاجه دون البعض الآخر، لكن تلك الاستطرادات تكشف لنا أيضاً عن وعيه بما كان يمور به الواقع الثقافي المصري في تلك الفترة من حراك، وعن الفرز الثقافي الضمني الذي كان يدور في تلك المرحلة، حينما نأى عدد لا بأس به من المثقفين عن المؤسسة الرسمية، رغم اتفاق عدد منهم مع الجوانب الإيجابية للمنجز الناصري، فقد كان المناخ الذي عاش فيه بدرو في القاهرة هو المناخ الذي تشكل فيه وعي جيل الستينيات المصري، الذي ابتعد الكثير من أعلامه البارزين منذ بواكيرهم الثقافية عن المؤسسة السياسية والثقافية معاً، على حد تعبير صبري حافظ في تقديمه لهذا الكتاب.
نتعرف من خلال هذا الكتاب إلى صورة حية ومتوهجة عن الحرب الأهلية الإسبانية، وما جنته على البشر، الأطفال منهم خاصة، ويكشف لنا البوح أيضاً كيف لاحقت أوجاع الحرب الفريق الذي انهزم فيها، وكيف أدت خيارات الأب الصائبة في الانضمام لفريق الحرية والتقدم، إلى سجنه ومعاناته من شظف العيش مع أسرته، وكان الابن بدرو معتزاً بأصوله الأندلسية، وبدلاً من دراسة العلوم السياسية في ظل حكم فاشي، توجه الابن بدلاً من ذلك إلى دراسة التاريخ واللغات السامية، خاصة العربية، وكانت النقلة المعرفية الكبرى في حياته بعد التخرج، حينما حصل على منحة للدراسة في مصر.
في مصر أصبح بدرو جسراً حقيقياً بين الثقافتين العربية والإسبانية، ويحكي في هذا الكتاب عن عدد من المثقفين المصريين الذين عرفهم أثناء إقامته المصرية، وعن تأثير بعضهم الفكري، أو الإنساني فيه، وعن اهتمامه بعوالم البعض وإنتاجه دون البعض الآخر، لكن تلك الاستطرادات تكشف لنا أيضاً عن وعيه بما كان يمور به الواقع الثقافي المصري في تلك الفترة من حراك، وعن الفرز الثقافي الضمني الذي كان يدور في تلك المرحلة، حينما نأى عدد لا بأس به من المثقفين عن المؤسسة الرسمية، رغم اتفاق عدد منهم مع الجوانب الإيجابية للمنجز الناصري، فقد كان المناخ الذي عاش فيه بدرو في القاهرة هو المناخ الذي تشكل فيه وعي جيل الستينيات المصري، الذي ابتعد الكثير من أعلامه البارزين منذ بواكيرهم الثقافية عن المؤسسة السياسية والثقافية معاً، على حد تعبير صبري حافظ في تقديمه لهذا الكتاب.