Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18117

انقلاب في مسار العلم

$
0
0
تمثل العقود الثلاثة الأولى من القرن العشرين حقبة فريدة في تاريخ العلم، وفي ملحمة العقل البشري بأسرها، فقد شهدت ثورة الكوانتم والنسبية التي تعد أخطر انقلاب في مسار العقل العلمي، ولم تكن محض إضافات تتراكم فوق ما سبق؛ بل هي شق لطريق جديد يقوم على أسس معرفية ومنهجية، مختلفة تماماً، سرعان ما باركتها المنجزات المتوالية بمعدلات متصاعدة غير مسبوقة، ولئن شهدت العقود الأولى من القرن الحادي والعشرين ثورة الاتصالات أو ثورة المعلوماتية والكمبيوتر أو ثورة الجينوم البشري والهندسة الوراثية، فكل هذا وسواه من نواتج ثورة الفيزياء الكبرى ثورة الكوانتم والنسبية التي اقترنت بها مطالع القرن العشرين، ومهما توالت منجزاتها ونواتجها سيظل أخطر ما في الأمر هو هذا الانقلاب الجذري الذي أحدثته في طبيعة التفكير العلمي، إنه انقلاب امتد إلى أصول هذا التفكير، بحيث بات ممثلاً لمرحلة أعلى ارتقى إليها العقل العلمي، وجعلت القرن العشرين مرحلة شديدة التميز والتوهج من مراحل التقدم العلمي.
ويعد كتاب «فلسفة العلم من الحتمية إلى اللاحتمية» للدكتورة يمنى طريف الخولي محاولة فلسفية لرصد وتعيين ماهية الانقلاب الجذري الذي طرأ كما يتبلور في الانتقال من التصور الحتمي لطبيعة العلم وطبيعة العالم، إلى التصور اللا حتمي لكليهما، الأرحب والأكثر دهاء والواعد بآفاق لا محدودة للتقدم العلمي المستقبلي المتتالي، وكما هو معروف كانت الحتمية العلمية بوصفها المقولة المنهجية الأم للعلم الحديث، ذات ثقل وانعكاسات عميقة التأثير في بنية الفلسفة الحديثة بأسرها؛ لذلك مهدت المؤلفة بمقدمة تحاول استبصار هذا الأثر العميق، كما يتمثل في جدلية العلاقة بين الحتمية العلمية والحرية الإنسانية، وكيف تمخضت عن اغتراب عن العلم والعقل وعالمهما، شاع في الفلسفة الأوروبية الحديثة.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 18117

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>