علاء الدين محمود
يجمع الكثير من التربويين والكتاب على صعوبة الكتابة للأطفال، فهذا النوع الإبداعي يعتبر تحدياً كبيرا للكتاب الذين تخصصوا فيه، فهو يتطلب ثقافة واطلاعاً واسعين، بحيث تأتي المادة المكتوبة متسقة مع القدرات الاستيعابية والإدراكية للطفل، وكذلك حسن اختيار الفكرة المقدمة من خلال قالب قصصي مصور، فالاعتماد على الصور والألوان من ضرورات أدب الطفل، إلا أنها غير كافية إن لم تسعف الكاتب فكرة خلاقة تحفز الأطفال، خاصة في أعوامهم الباكرة على التعاطي مع المادة المكتوبة.
إن صعوبة هذا النوع من الكتابة الإبداعية تكمن في كيفية مخاطبة الطفل، والقدرة على لفت انتباهه عبر فكرة مختلفة، بمعنى أنها تصلح للأطفال في المراحل السنية المعينة من دون اعتبار للانتماء الجغرافي، خاصة في ظل التطور التكنولوجي الكبير، وانصراف الأطفال نحو الألعاب والأجهزة الإلكترونية، فمهمة هذا الأدب تعزيز القدرات المعرفية واللغوية للطفل، وتكوين المثال من خلال الشخصيات التي تشكل قوام القصة المصورة في الحكايات، وإثراء المعارف، وحب التعلم، بما يسهم في بناء الشخصية.
وتبدو لافتة هنا مجموعة من كتب الأطفال التي عرضت في معرض الشارقة الدولي للكتاب، منها كتاب «لماذا اختفى اللون الأسود»، للكاتبة أمنية سعيد البادي، حيث استهدفت فكرة القصة المصورة تصحيح كثير من المفاهيم الخاطئة المرتبطة باللون الأسود، وهي مفاهيم مكتسبة من مواريث رسخت في أذهانهم صورة نمطية عن اللون الأسود، فالشر دائماً يرتبط بهذا اللون، كما أن الأشرار في قصص الأطفال التقليدية يرتدون ملابس سوداء، وقد أرادت الكاتبة من خلال هذه الفكرة الخلاقة أن تمحو تلك المفاهيم الخاطئة التي تعبر عن وعي زائف، وهنالك أيضاً كتاب الشيخة شما بنت سلطان بن خليفة آل نهيان «مغامرات ماكسيما وكوستود في البحث عن حل عالمي»، حيث إن القصة تحرض الأطفال على التفاعل الإيجابي مع محيطهم، فهي تحث على ضرورة الاهتمام بالبيئة، والوعي بالتغير المناخي المبكر، والقصتان تصلحان للأطفال في مختلف أنحاء العالم، لكون فكرتيهما عابرتين، وغير مرتبطتين بمحيط جغرافي محدد، بقدر ما ترتبطان بالقيم والأخلاق والسلوكات.
هذه الكتابة الإبداعية تتطلب بالضرورة الاهتمام بها نوعياً، وعلى نحو خلاق، باعتبارها تسهم بشكل رئيسي في خلق أجيال المستقبل، وتصنع قرّاء مميزين، فهي تحرضهم على الأسئلة، وتنمي الذكاء لديهم، وتنشط الذاكرة عندهم، ما يتطلب ضرورة الابتكار جهة الأفكار التي تقدم للأطفال بعيداً عن الكتابة التقليدية السائدة.
alaamhud33@gmail.com