تعد هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام أحد المؤسسات التي تقود المشهد الثقافي، في إمارة تسعى لأن تطور المشهد الفكري والمعرفي في الإمارات، وترفد الساحة الثقافية فيها بمختلف الأنشطة والفعاليات التي من شأنها أن تدعم الإبداع المحلي، وتخلق حلقات تواصل حضاري مع مختلف البلدان والثقافات العربية والعالمية، وفي هذا الحوار مع حمدان بن كرم الكعبي مدير عام الهيئة، نطّلع على أبرز الخطط والبرامج التي وضعتها الهيئة في سبيل تحقيق أهدافها.
أكد الكعبي أن الهيئة أخذت على عاتقها أن تقود المشهد الإبداعي على صعيد الثقافة والإعلام في الفجيرة، وقال: «أنشئت الهيئة في عام 2006 بهدف المساهمة في تطوير أداء المؤسسات الثقافية والإعلامية في الإمارات عموماً وإمارة الفجيرة خصوصاً، مما يمكنها من دعم بناء الإنسان وفقاً لقيمنا العربية والإسلامية».
أضاف الكعبي: «إن رسالة الهيئة تقوم على اعتبار الثقافة عنوان الشخصية الوطنية التي تميزها عن غيرها، وهي واحدة من أهم عوامل التقدم الاجتماعي والتنمية البشرية الشاملة، لذلك فقد أخذت الهيئة على عاتقها مهمة رعاية الأنشطة الثقافية والإعلامية في المجالات العلمية والبحثية والإبداعية، وذلك من خلال توفير المناخ الملائم للعمل فيها، وتعزيز وتنشيط الحركة الثقافية باستغلال الطاقات المتاحة والعمل على دعمها وتطويرها».
وأشار الكعبي إلى أنشطة الهيئة التي تقوم بتنفيذها ضمن برامج مستقرة وواضحة، ومن أهمها «ملتقى الفجيرة الإعلامي» الذي يقام سنوياً لمناقشة مجموعة من المحاور المتخصصة في الإعلام، حيث أطلقت الهيئة الدورة الأولى من الملتقى في عام 2010 بالتعاون مع كلية الإعلام في جامعة عجمان (مقر الفجيرة) نظراً للحالة الإعلامية النشطة التي تشهدها إمارة الفجيرة، ووجود عدد كبير من كليات الإعلام المتخصصة، وللمساهمة أيضاً في التعريف بالمشهد الإعلامي العربي والدولي، بالإضافة إلى فتح آفاق الحوار وتبادل المعرفة والخبرات حول المواضيع الإعلامية المختلفة، وقد شارك في هذه الملتقيات مجموعة كبيرة من أبرز الشخصيات في مجال الإعلام من مختلف أنحاء العالم، كما يركز الملتقى في جميع دوراته على استقطاب طلبة الجامعات وكليات الإعلام.
وفي العام الماضي أطلقت الهيئة الدورة الأولى من «مهرجان الفجيرة الدولي للفنون»، وهو مهرجان دولي شامل للفنون المسرحيّة والموسيقيّة والتشكيليّة والأدائيّة والفنون الشعبيّة، ويشارك فيه فرق وفنانون من خمس وخمسين دولة، ويضمّ تحت مظلته «مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما» في دورته السابعة، و«بطولة السيف» في دورتها الثالثة، والعديد من الفعاليّات الفنيّة التي تتوزّع في جميع مناطق الإمارة، إذ يحتضن مسرح شاطئ الفجيرة حفل افتتاح الفعاليّات الغنائيّة والموسيقيّة الكبرى، فيما يحتضن مسرح دبا الفجيرة الفعاليات المسرحيّة، وتتوزّع أمسيات الفرق الشعبيّة على منطقتي مسافي والطويين، فضلاً عن عروض الشوارع الكرنفاليّة والندوات المصاحبة والمؤتمرات الصحفيّة للفنانين، ويسعى المهرجان إلى تحقيق مجموعة من الأهداف على رأسها التعريف بالثقافة العربيّة الإماراتيّة، والتعريف بالمناطق التراثيّة والطبيعيّة في الإمارة، والترويج لها عبر المشاركات الدوليّة الفنيّة والصحفيّة، وتبادل الخبرات بين الفرق والمؤسّسات الإماراتيّة المشاركة، وتمكين الفعاليات الإداريّة والفنيّة في الإمارة وزيادة قدرتها على إدارة العمل الثقافي البنّاء، وإتاحة المجال لكافة مناطق الإمارة لتكون مشمولة بالفعاليات المتنوّعة، وإشاعة حالة التواصل الجمالي بين المواطنين والمقيمين.
يؤكد الكعبي أن هذه الفعاليات الفنية الغنية تفتح المجال أمام المشاركات العربيّة والدوليّة والاطّلاع على الصورة الحضاريّة الراقية للوطن والمواطن في دولة الإمارات.
ويرى الكعبي أن الشباب في الإمارات مطالب بأن يتمثل تجربة زايد في القيادة، وكيف استطاع أن يكتب هذا القائد درس الحكمة في الحكم وأن يفيض على الجموع بمشاعر الأب، حتى تحول الوطن إلى بيت كبير نتنفس فيه شعور الأبناء البررة.
الحراك الثقافي والإعلامي الذي تقوده الهيئة محلياً يبدو جلياً من خلال التنوع في مهامها، حيث ترعى المشهد بكل ألوانه انطلاقاً من المسرح أصل الفن ، مروراً بالندوات والأماسي والبروتوكولات الإعلامية والثقافية التي توقعها الهيئة في سياقات التبادل الإعلامي والثقافي مع المؤسسات المماثلة في العديد من الدول الصديقة.
وفي هذا الصدد يقول الكعبي: «تم مؤخراً توقيع اتفاقية تفاهم بين الهيئة وواحدة من أعرق المكتبات في العالم «مكتبة الإسكندرية»، نصت على التعاون المشترك والوثيق من أجل الإسهام في نشر المعلومات عن الحياة والثقافة في البلدين، وذلك من خلال تبادل الكتب وتنظيم المؤتمرات والندوات والمعارض وأيضاً من خلال تبادل الخبراء في جميع فروع علم المكتبات، كما تهدف الاتفاقية إلى التعاون في مجال تكنولوجيا حفظ الوثائق الورقية وترميمها، كما تم بحث العديد من جوانب الاتفاقية وكيفية تعزيزها وترجمتها على الأرض، حيث جرى نقاش موسع مع الدكتور مصطفى الفقي مدير المكتبة تحدثنا فيه عن أهمية ما تقدمه الهيئة على صعيد الثقافة والإعلام وكذلك مكتبة الإسكندرية».
الكعبي أكد أيضاً أن هنالك العديد من الأفكار الجديدة التي ستقوم الهيئة بتفعيلها خلال الموسم الثقافي والفني الجديد، منها إقامة مهرجان مسرحي للفرق الشبابية الخاصة، وعودة فعاليات مهرجان المسرح المدرسي وإنشاء جائزة عربية للرواية الشبابية، وإطلاق العديد من الفعاليات والأنشطة خلال احتفالات العيد الوطني المقبل.
وأشار إلى أنه تمت إعادة النظر في جوائز التصوير، حيث تم دمج جائزة الفجيرة للتصوير الضوئي مع جائزة الفجيرة للتصوير الصحفي، ليصبحا جائزة واحدة ذات ملامح وأهداف محددة، وقد حققت الجوائز السابقة نجاحات كبيرة، ونحن نسير على الخط ذاته الذي حدده الشيخ الدكتور راشد بن حمد الشرقي رئيس هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، وقمنا وفقاً لهذه التوجيهات بتدشين أول مركز للكتب والتوثيق في الفجيرة، ويضم المركز ما يزيد على 15 ألف عنوان من مختلف صنوف العلم والثقافة والفنون والتاريخ، ونسعى لاستقطاب التجارب المسرحية الشبابية من خلال تخصيص مهرجان عربي حافل لمسرحيات الشباب من أصحاب الفرق الخاصة في شكل جديد وتجارب جديدة غير ما تعودنا عليه.
وعن أهمية المسرح الموجّه للطلبة في المدارس ودوره في تنمية مهارات الأطفال اللغوية والاجتماعية والفكرية والنفسية، وتعزيزها وزيادة الخبرات والمعلومات قال الكعبي: «من هنا جاء دور مهرجان الفجيرة للمسرح المدرسي احتفاءً بدور الأطفال في جميع مناطق الإمارة الفجيرة وتشجيع المدارس في احتضان ودعم المواهب المسرحية، حيث يقام مهرجان الفجيرة للمسرح المدرسي بصورة سنوية، تنظمه الهيئة بالتعاون مع منطقة الفجيرة التعليمية. ويشارك في فعاليات المهرجان أكثر من 200 طالب وطالبة يقدمون 16 عرضاً مسرحياً من مختلف المراحل الدراسية على مدار خمسة أيام».
وختم الكعبي الحوار قائلاً: «إن الهيئة في سعيها لتحقيق رؤى الدولة واستراتيجية إمارة الفجيرة، تقدم نموذجاً من الحراك الثقافي الواعي الذي يؤسس لحالة ثقافية وطنية تستند إلى الإرث الحضاري والثقافي لدولة الإمارات».
حوار: بكر المحاسنة