كل الدلائل تشير إلى أن الرواية اليوم هي الجنس الأدبي الأكثر انتشاراً، بين القراء والكتّاب على حد سواء، وسبب انتشارها كما هو معروف سطوعها في دول الغرب، وتلك الحفاوة التي استفادت من قوة السرد والتوصيف والموضوعات التي تعنى بها هذه الرواية، وهو الذي يفسر علاقتها الطيبة مع الفن السابع، فالسينما باتت على تماس مع الرواية الغربية، لأسباب جوهرية لها علاقة بالموضوعات التي تطرحها الرواية هناك، وهي موضوعات مستلهمة من نبض العالم الذي نعيشه اليوم، ولها علاقة بالتفاصيل الكثيرة التي تشكل في مجموعها سلسلة من الأفكار الحيوية التي يمكن مقاربتها والاستفادة من طاقة السرد والتخييل التي تفجرها الحبكة الروائية.
تمكنت السينما من نقل الرواية بشكل ممتع للناس، ويحضر هنا على سبيل المثال الروائي الأمريكي جون غريشام وهو سياسي سابق ومحام متقاعد وروائي أمريكي معروف برواياته المتعلقة بالدراما القانونية، وقد عرفته الشاشة من خلال كثير من الأعمال التي كتبها، والمتخصصة في جانبها القانوني، أو بعبارة أدق تخصصه في الثغرات القانونية التي تصيب جسم العدالة في الصميم، فبات من أكثر الكتّاب شهرة على مستوى قوائم المبيعات في العالم.
مناسبة هذا الكلام هو صدور روايته الجديدة «ذا روستر بار» وهي تتحدث عن ثلاثة طلاب في السنة الثالثة حقوق، لديهم طموح كبير في تغيير العالم نحو الأفضل، غير أنهم يصابون بخيبة أمل كبيرة حين يكتشفون أن صندوق دعم المنح الذي اقترضوا منه لمواصلة دراستهم يملكه مشبوه متورط في قضايا ابتزاز، كما أن مدرسة الحقوق التي يدرسون فيها مملوكة للبنك الذي يديره هذا الشخص، فيرسبون بالامتحان ويقبض عليهم بتهمة الغش.
تستمر الرواية بحبكة بارعة فيها قدر من التشويق والخيال، أبطالها ملياردير ومكتب التحقيق الاتحادي والطلاب الثلاثة.
ثغرات نظام العدالة في الغرب، واحد من الموضوعات التي تستهوي جون غريشام، والتي منحته شهرة واسعة لابتعاده عن الموضوعات التقليدية، غير أن براعته الروائية في التنقل عبر الأحداث وفي تصوير الشخصيات، جعلته يكتسب شهرة غير مسبوقة، وهو شأن معظم رواياته التي تشتريها كبرى الشركات في هوليوود.
في عالمنا العربي الكثير من الموضوعات والأفكار التي يمكن مقاربتها سواء للدراما التلفزيونية أو لفضاء الشاشة الكبيرة، وهي أفكار في مجملها كامنة في اليومي والمعيش، وعند الكبار والصغار، وفي معاملاتنا اليومية وفي أماكن التسوق، وفي الحافلات، وفي الزواريب الكثيرة حيث يعشش فيها الفقر.
هل نفتقر في عالمنا العربي إلى قدر من التشويق والخيال الذي يعنى بتفاصيل الحياة التي نعيش؟ هو سؤال برسم الإجابة من صنّاع الدهشة في الوطن العربي سواء كانوا سينمائيين أو كتاباً.
ohasan005@yahoo.com