استقى المسرح مادته المسرحية عبر التاريخ من مصادر عدة، منها الأسطورة والأحداث التاريخية والظروف الاجتماعية المحيطة، ولعل من أبرز المصادر التي استقى منها المسرح مادته الأشكال السردية المختلفة من ملاحم وسير وأحاديث شفهية، والأدب الروائي والقصصي، وذلك الأخير هو ما يهم أسماء يحيى الطاهر عبد الله، في دراستها «مسرحة الرواية.. دراسة في المسرح المصري».
ففي مصر بداية الستينات نشأت حاجة إلى مسرحة الروايات، وذلك بسبب تأسيس فرقة مسرحية تابعة للتلفزيون. ولما كان المؤلفون المسرحيون في هذه الأثناء لا يتعدون عشرة، ولم يكن الإنتاج يكفي حاجة السوق المتزايدة، حتى مع ظهور مجموعة أخرى من المؤلفين في منتصف الستينات.
من هناك كانت الحاجة ملحة لظهور جيل من المؤلفين أو المعدّين المسرحيين، الذين اعتمدوا على الرواية كمصدر لكتابة نصوصهم، خاصة أن أغلب المؤلفين المسرحيين الموجودين يبدعون أشكالاً فنية أخرى، وليسوا متفرغين تماماً لكتابة المسرح، فكان منهم الشعراء ومؤلفو القصص والروايات. وقد انهال المعدّون الجدد على أعمال أشهر الروائيين في ذلك الوقت؛ مثل نجيب محفوظ، وإحسان عبد القدوس، وعبد الرحمن الشرقاوي؛ لما لأعمالهم من شهرة تستقطب جمهور التلفزيون، ولسهولة وسرعة الحصول على نصوص تفي بحاجة السوق، حيث الحبكات والشخصيات والأحداث جاهزة، وما عليهم إلا تحويلها إلى حوار مسرحي، لتكون جاهزة للتصوير والعرض، وبرزت أسماء هؤلاء المعدين.
كان سبب الظاهرة إذن كما تقول أسماء يحيى الطاهر عبد الله هو كثرة الطلب على النصوص المسرحية بسبب زيادة عدد الفرق من ناحية، ومن ناحية أخرى قلة عدد الكتاب المسرحيين المتخصصين في الكتابة للمسرح، إلى جانب أهمية بعض الروايات في ذلك الوقت.
وكان من الطبيعي أن تنقسم آراء النقاد في هذا الوقت بين مؤيد ومعارض، ففي كتابه: ليالي مسرحية، قال عبد القادر حميدة: «لست أعتقد أن النص المعد حرفياً يوازي فنياً النص الأصيل، وذلك لأن مضمون العمل الفني دائماً هو الذي يحدد الشكل المكتوب به، وشتان بين السرد في الروايات المقروءة وبين الحوار والحركة على خشبة المسرح».
ونجد في الوقت ذاته فؤاد دوارة، على الرغم من اتفاقه معه في أنها قد أثرت سلباً وأدت إلى ضعف وتهافت النصوص المسرحية، وذلك في كتابه: تخريب المسرح المصري؛ إلا أنه يؤكد أنه «لا يمكننا أن نتجرد من الموضوعية ونسلبها إيجابياتها المتمثلة في توسيع رقعة الإنتاج المسرحي، وبالتالي توسيع القاعدة الجماهيرية المستفيدة منها، خاصة أنه قد كثرت بعض الفرق من التجوال بين الأقاليم، وتقديم بعض عروضها في دور السينما بالأحياء الشعبية في القاهرة».
وترى أسماء يحيى الطاهر عبد الله أنه سواء كانت ظاهرة مسرحة الروايات في الستينات سلبية أم إيجابية، وسواء كانت النصوص الناتجة ضعيفة أم قوية، فذلك لا ينفي واقع وجودها بقوة، تستوجب التوقف لدراستها دراسة نقدية جادة، وإن كانت هذه الفترة التاريخية ليست متضمنة في هذه الدراسة. وفي كل الأحوال فإن هذه الظاهرة قد انحسرت مع توقف مسرح التلفزيون، وانخفاض الإنتاج المسرحي بشكل عام بعد نكسة 1967.
وتشير أسماء إلى أن مسرحة الرواية عادت إلى الظهور مرة أخرى بشكل واضح ومتزايد، منذ بداية تسعينات القرن الماضي وحتى يومنا هذا، وأصبحت تشكل فرعاً مهماً من أفرع الإبداع المسرحي، يستوجب التوقف لدراسته ملياً. إن تلك العودة الواضحة تثير التساؤل حول أسبابها والتقنيات المستخدمة فيها.
وتوضح الكاتبة أن اختيار الكاتب المسرحي لعناصر ما من الرواية وإغفاله لعناصر أخرى له أسباب، وبناؤه لتلك العناصر بشكل معين له أسباب أيضاً؛ إذ إن هناك فرقاً لا شك، بين الرواية والمسرحية، ففي حين يعرّف أرسطو المأساة بأنها محاكاة لفعل تام جاد؛ أي أن المسرح فعل، نجد أن الرواية تقوم على السرد لا الفعل. وفي حين أن الرواية يقوم بكتابتها شخص بمفرده ويقرأها شخص بمفرده، نجد أن النص المسرحي يكتمل وجوده عندما يعرض على خشبة مسرح، ويتعامل بشكل حي ومباشر مع الجمهور.
ففي مصر بداية الستينات نشأت حاجة إلى مسرحة الروايات، وذلك بسبب تأسيس فرقة مسرحية تابعة للتلفزيون. ولما كان المؤلفون المسرحيون في هذه الأثناء لا يتعدون عشرة، ولم يكن الإنتاج يكفي حاجة السوق المتزايدة، حتى مع ظهور مجموعة أخرى من المؤلفين في منتصف الستينات.
من هناك كانت الحاجة ملحة لظهور جيل من المؤلفين أو المعدّين المسرحيين، الذين اعتمدوا على الرواية كمصدر لكتابة نصوصهم، خاصة أن أغلب المؤلفين المسرحيين الموجودين يبدعون أشكالاً فنية أخرى، وليسوا متفرغين تماماً لكتابة المسرح، فكان منهم الشعراء ومؤلفو القصص والروايات. وقد انهال المعدّون الجدد على أعمال أشهر الروائيين في ذلك الوقت؛ مثل نجيب محفوظ، وإحسان عبد القدوس، وعبد الرحمن الشرقاوي؛ لما لأعمالهم من شهرة تستقطب جمهور التلفزيون، ولسهولة وسرعة الحصول على نصوص تفي بحاجة السوق، حيث الحبكات والشخصيات والأحداث جاهزة، وما عليهم إلا تحويلها إلى حوار مسرحي، لتكون جاهزة للتصوير والعرض، وبرزت أسماء هؤلاء المعدين.
كان سبب الظاهرة إذن كما تقول أسماء يحيى الطاهر عبد الله هو كثرة الطلب على النصوص المسرحية بسبب زيادة عدد الفرق من ناحية، ومن ناحية أخرى قلة عدد الكتاب المسرحيين المتخصصين في الكتابة للمسرح، إلى جانب أهمية بعض الروايات في ذلك الوقت.
وكان من الطبيعي أن تنقسم آراء النقاد في هذا الوقت بين مؤيد ومعارض، ففي كتابه: ليالي مسرحية، قال عبد القادر حميدة: «لست أعتقد أن النص المعد حرفياً يوازي فنياً النص الأصيل، وذلك لأن مضمون العمل الفني دائماً هو الذي يحدد الشكل المكتوب به، وشتان بين السرد في الروايات المقروءة وبين الحوار والحركة على خشبة المسرح».
ونجد في الوقت ذاته فؤاد دوارة، على الرغم من اتفاقه معه في أنها قد أثرت سلباً وأدت إلى ضعف وتهافت النصوص المسرحية، وذلك في كتابه: تخريب المسرح المصري؛ إلا أنه يؤكد أنه «لا يمكننا أن نتجرد من الموضوعية ونسلبها إيجابياتها المتمثلة في توسيع رقعة الإنتاج المسرحي، وبالتالي توسيع القاعدة الجماهيرية المستفيدة منها، خاصة أنه قد كثرت بعض الفرق من التجوال بين الأقاليم، وتقديم بعض عروضها في دور السينما بالأحياء الشعبية في القاهرة».
وترى أسماء يحيى الطاهر عبد الله أنه سواء كانت ظاهرة مسرحة الروايات في الستينات سلبية أم إيجابية، وسواء كانت النصوص الناتجة ضعيفة أم قوية، فذلك لا ينفي واقع وجودها بقوة، تستوجب التوقف لدراستها دراسة نقدية جادة، وإن كانت هذه الفترة التاريخية ليست متضمنة في هذه الدراسة. وفي كل الأحوال فإن هذه الظاهرة قد انحسرت مع توقف مسرح التلفزيون، وانخفاض الإنتاج المسرحي بشكل عام بعد نكسة 1967.
وتشير أسماء إلى أن مسرحة الرواية عادت إلى الظهور مرة أخرى بشكل واضح ومتزايد، منذ بداية تسعينات القرن الماضي وحتى يومنا هذا، وأصبحت تشكل فرعاً مهماً من أفرع الإبداع المسرحي، يستوجب التوقف لدراسته ملياً. إن تلك العودة الواضحة تثير التساؤل حول أسبابها والتقنيات المستخدمة فيها.
وتوضح الكاتبة أن اختيار الكاتب المسرحي لعناصر ما من الرواية وإغفاله لعناصر أخرى له أسباب، وبناؤه لتلك العناصر بشكل معين له أسباب أيضاً؛ إذ إن هناك فرقاً لا شك، بين الرواية والمسرحية، ففي حين يعرّف أرسطو المأساة بأنها محاكاة لفعل تام جاد؛ أي أن المسرح فعل، نجد أن الرواية تقوم على السرد لا الفعل. وفي حين أن الرواية يقوم بكتابتها شخص بمفرده ويقرأها شخص بمفرده، نجد أن النص المسرحي يكتمل وجوده عندما يعرض على خشبة مسرح، ويتعامل بشكل حي ومباشر مع الجمهور.