شهد ثاني أيام «مهرجان الإمارات لمسرح الطفل»، عرض مسرحية «المهرجون»، من تأليف وإخراج مرعي الحليان، وإنتاج مسرح بني ياس، تمثيل: بدور الساعي، خميس اليماحي، بدر البلوشي، حميد عبد الله، سمية داهش، ومحمد إسحاق. وتألف الفريق الفني من: أحمد الماجد «كلمات الأغاني»، ميرزا المازمي «ألحان وتوزيع»، عبد الرضا محمد «مؤثرات صوتية»، إبراهيم حيدر «مؤثرات ضوئية»، جسار صلاح الدين «تصميم الرقصات»، ميلانا رسول «أزياء وتصميم الدمى»، وبدور محمد «مكياج».
جاء العرض متفرداً في كل شيء، على مستوى الإخراج والسينوغرافيا، والتوظيف الخلاق والمبدع للإضاءة، والديكور، والأزياء، والمؤثرات الصوتية، وكذلك التصميم المشهدي الذي احتواه العرض من أداء حركي وإبداعات مشهدية عالية الروعة، وهي العملية التي أشرف عليها الحليان بنفسه، فقدّم لمسة جمالية عالية المستوى، خاصة في توظيف الإضاءة والألوان، كما أن فكرة المسرحية نفسها كانت مختلفة، ومتناسبة مع مسرح الطفل، فكانت فكرة النص والرؤية الإخراجية مستفزة ومحفزة لعقول الأطفال، الأمر الذي يسهم كثيراً في الإيفاء بغرض المهرجان، في رؤيته لمسرح خاص للأطفال يغذي العقول بالمعرفة والثقافة، ويمدهم بالقيم والأخلاق، مما يوفر جيلاً يصنع مسرح المستقبل.
تدور حكاية العرض حول مجموعة من المهرجين، يعملون في سيرك يملكه أحد الأشخاص، ليقوم بطردهم متهماً إياهم بأنهم السبب في فشل السيرك، وانصراف الجمهور عنه نحو سيرك آخر، ليجدوا أنفسهم بلا عمل، وبلا أي شيء سوى عربة مملوءة بالإكسسوارات، وهي التي منحها لهم صاحب السيرك بدلاً عن مستحقاتهم المالية، غير أن المهرّجين لم يستسلموا لليأس، وفضلوا البقاء متوحدين والعمل من أجل خلق فكرة تعين على تفجير مواهبهم وإمكاناتهم، فاهتدوا إلى ضرورة الاستفادة من العربة المملوءة بالأدوات، حتى يقدّموا عبرها عروضاً يثبتون فيها مواهبهم، وخطأ صاحب السيرك الذي اتهمهم بالفشل، فأصرّوا على النجاح من أجل مواصلة وجودهم وتحقيق أحلامهم الكبيرة بعيداً عن سطوة صاحب السيرك وغطرسته، عبر تقديم حكايات يشخصونها.
ومع تنامي قدراتهم وعلاقتهم مع الجمهور يبدأ صاحب السيرك بالشعور بأنه فقد جمهوره، وأن السيرك مهدد بالإفلاس أو الإغلاق، ليبدأ في نسج خططه الشريرة من أجل إفساد عرض المهرجين، والتشويش على علاقتهم المتنامية مع الأطفال، حتى يأتي قرار المهرّجين الأخير بالذهاب بعيداً نحو مدن أجمل لا وجود لصاحب السيرك فيها، ويبرزوا طاقاتهم وهواياتهم الإبداعية، وكذلك ليلتقوا بجمهورهم من الأطفال.
الحليان ومن خلال العرض قدّم مغامرة فريدة، مملوءة بالمتعة، ومتفردة بالاختلاف عن السائد من عروض الأطفال، فقد كسر تلك النمطية التي ظلت تصاحب تلك العروض، ونجح في خلق فرجة تفاعل معها جمهور الأطفال، فقد أبهرهم العرض كثيراً.
جاء العرض ليبرز خبرة الحليان وتمكّنه الإبداعي، الذي جعله ينجح في تقديم مسرح مفارق لما خبرته العين، معتمداً على فرضيات مسرح الدمى والعرائس ومسرح الظل، محاولاً التركيز على جماليات السينوغرافيا البسيطة، والتي خلت من الحشو وتكديس الديكور بمجانية على الخشبة، بل ذهبت إلى صناعة فرجة مسرحية اعتمدت على مسرح تفاعلي بين الممثلين والجمهور، والذين تدخلوا في بعض مفاصل العرض وكانوا جزءاً من اللعبة المسرحية التي بناها الحليان ببراعة، كما أن الأزياء والدمى التي صممتها وصنعتها ميلانا رسول ساهمت في إيصال المضمون وتعميق بناء الشخصيات الدرامي، حيث تعامل معها الممثلون ببراعة وخفة وسهولة، أما الأغاني فكانت على تناغم مع الرقصات الاستعراضية والتي توفقت في أن تكون جزءاً أصيلاً من العرض، ولعب الممثلون دوراً مميزاً في خدمة العرض عبر أدائية متقنة وعالية ورشيقة وتلقائية، حيث انصرفوا نحو تحرير طاقاتهم الإبداعية في نص مقدّمين أداء منضبطاً ومميزاً، وجد تجاوباً كبيراً من قبل الحضور.
الشارقة: علاء الدين محمود