ثمة بصمة واضحة للروائي والفيلسوف والباحث الإيطالي إمبرتو إيكو (1932 - 2016) على الثقافة العالمية المعاصرة، وعبر أكثر من تسعين كتاباً في الفن والفلسفة واللسانيات والأدب، ترك إيكو إرثاً متميزاً لا يزال يغري كثيراً من الباحثين والقراء للاطلاع عليه. اشتهر إيكو بروايته الفلسفية «اسم الوردة»، تماماً كما اشتهر بأبحاثه عن القرون الوسطى، إضافة لكل ذلك فهو أحد أهم نقاد الأدب في العالم.
وُلد إيكو في مدينة ألساندريا في إقليم بييمونتي، وكان أبوه جوليو مُحاسباً قبل أن تستدعيه الحكومة للخدمة العامة خلال الحرب العالمية الثانية، أخذ اسم عائلته «إيكو» من الحروف الأولى للعبارة اللاتينية «ex coelis oblates» وتعني (هبة السماء).
في بدايات دراسته حاول والده دفعه لأن يصبح محامياً، غير أن شغف إيكو بالأدب والبحث في التاريخ دفعه لأن يختار الانتساب لجامعة تورينو الإيطالية لدراسة فلسفة القرون الوسطى والأدب، ومن ثم حصل على دكتوراه في الفلسفة سنة 1954، وعمل محرراً ثقافياً للتلفزيون والإذاعة الفرنسية، وحَاضَرَ في جامعة تورينو، كما صادق مجموعة من الرسامين والموسيقيين والكتّاب في الإذاعة والتلفزيون الفرنسيين، ونشر بعد ذلك كتابه الأول بعنوان «مشكلة الجمال عند توما الأكويني» الذي كان توسعة لأطروحته للدكتوراه.
أسهمت دراساته النقدية العديدة التي كتبها في تراكمية معرفية سمحت له بكتابة روايته الأشهر من بين أعماله وهي «اسم الوردة»، والتي تعتبر بحسب بعض النقاد حالة تشكل مزيجاً من التخييل التاريخي واللغز البوليسي، وتغوص بشكل دقيق في واقع إنساني تاريخي، وتطرح الأسئلة الوجودية بطريقتها الخاصة، ومن ثم تحاول مناقشتها في إطار متحرر من الماضي الذي تتحدث عنه.
استمر الطرح الفلسفي المقترن بالبحث السيميائي في روايته الأخرى «بندول فوكو»، غير أن روايته «الرقم صفر» التي أصدرها في عام 2015 وهي آخر أعماله خرجت من كل ذلك السياق، وتناولت موضوع نظرية المؤامرة وكيف تتجسد من خلال تحقيق يعده الصحفي براجادوتشيو عن مقتل الديكتاتور بينيه موسوليني، وقد كان إيكو يتبنى وجهة نظر تقول بأن نظرية المؤامرة منتشرة بشكل كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر الإنترنت بشكل عام.
محمدو لحبيب