نظّمت دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة مساء أمس الأول، أمسية أدبية قدم فيها الناقد الدكتور سمر روحي الفيصل دراسة تحليلية لرواية «مريوم» للكاتب د. عمر العزيز، الصادرة عن الدائرة، وأدار النقاش عبد الفتاح صبري الذي أشار إلى أن الرواية تندرج في إطار رواية «الشخصية» التي تدور أحداثها حول شخصية واحدة، وهي هنا «مريوم» تلك المرأة المخبولة التي عاشت في أحد الأحياء في دبي في القرن الماضي، وكانت غريبة لا يعرف أحد من أين جاءت، وأضاف أن الكاتب يقدم نصاً سردياً مشحوناً بجرعات من الخيال الشعبي التي يستقيها من حكايات المجتمع التقليدي وتصوراته.
الدكتور سمر روحي الفيصل في تحليله للرواية قال إن النص يقدم ملامح حكاية موضوعها «مريوم»، التي تتأرجح بين الشخصية الواقعية والخيالية، ففي مسار الرواية تبدو «مريوم» في الأول شخصية واقعية قادمة من الماضي هي تلك المرأة التي ظهرت فجأة في حي من أحياء دبي في أواسط القرن الماضي وكانت آنذاك في الأربعينات من عمرها، وهي مخبولة ولا يعرف من أين جاءت، ثم هناك «مريوم» البنت الجميلة التي ستصاب بالجنون، ثم هناك «مريوم» الخيال الذي سوف يعود فيما بعد عام 2015، والتي تمثل التخيل الرؤيوي للمستقبل.
وقال الفيصل إن مهمة اللغة في أي نص سردي هي سرد الحكاية، لكنها في نص «مريوم» تتجاوز هذه المهمة لتؤدي أدواراً أخرى، إذ تشكل اللغة هنا حاملاً لعدة ملامح حداثية وفلسفية وثقافية وواقعية، فالحامل اللغوي الحداثي يتجلى في قصدية الغموض والمواربة، ف «مريوم» تظهر وتختفي تموت وتحيا وتتناسخ، وينبغي على القارئ أن يتغاضى عن مفهوم الواقعية لكي يستطيع ملاحقة كل تلك التجليات المختلفة لمريوم التي لن يبقى منها في النهاية غير تلك الأسئلة التي يثيرها عمر عبد العزيز حول التاريخ والحاضر والهوية والانتماء.
وتابع الفيصل محللاً الرواية التي تتميز بغزارة المصطلحات والنصوص التي تستقيها من الفلاسفة، ولا يكتفي المؤلف بذلك بل هو في بعض الأحيان يكتب بلغة فلسفية مقصودة وتحتاج من القارئ إلى تأمل وتأن ليقف على مراميها، وهناك أيضا التناص مع بعض السرديات الغربية والمعلومات التي ترد أثناء النص عن الموسيقى والتشكيل، وما يورده من أشعار وما يقتطعه من نصوص من كبار المتصوفة، ومن قضايا فلسفة القانون، وغيرها من المعلومات والإشارات التي ترد خلال السرد.
ولفت الفيصل إلى تعبيري يتمثل في تتبع الحكاية وفي هذا المستوى يهتم الكاتب بتطوير الحكاية، وينغمس في التشكيل اللغوي المجازي الخاص للتعبير حاملاً معه «مريوم» البشرية إلى مراتب غير بشرية، وتوقف الفيصل عند تجليات هذا الملمح التعبيري، ليخلص في النهاية إلى أن «مريوم» مدونة روائية حديثة، خرقت المألوف الروائي السائد، وراحت تستند إلى الحامل اللغوي بدلاً من الموضوع والشخصيات والصراع، وجعلت الإبداع في اللغة النثرية هدفها الأول.
من جانب آخر نُظم في النادي الثقافي العربي معرض تشكيلي بعنوان «وتر وريشة» للفنان السوري عبد المجيد برادعي قدم فيه 25 لوحة تشكيلية، ركز فيها على رسم الطبيعة، وعكست لوحاته بهاء الألوان التي تقدمها المشاهد البصرية الطبيعية، حيث يظهر للمتأمل في لوحاته أن انشغاله الأول هو بما يتركه المشهد الطبيعي في نفس المتأمل، إذ يرصد كل تجليات الجمال والفرح، وربما يكون لتخصص الفنان في مجال الموسيقى دور في تقديم مشهدية موسيقية من ألوان الأشجار والأزهار والمياه والجبال والثلوج، والضوء والظلال، والشموس، فكل لوحة تقدم تناغماً دقيقاً من الألوان يرتاح له البصر، فيغريه بالغوص في داخله، والانسياب عبر تفاصيله الدقيقة الجملية.