نظمت ندوة الثقافة والعلوم صباح أمس في مقرها في دبي، مؤتمرها السنوي السادس تحت عنوان «الإمارات تقرأ»، احتفاءً بعام القراءة الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، حيث جمع المؤتمر نخبة من المثقفين والكتاب والإعلاميين الإماراتيين والعرب، لمناقشة سلسلة من القضايا المتعلقة بالنهوض بفعل القراءة، ودعم مسيرة التقدم المعرفي والثقافي.
افتتح المؤتمر الذي جاء تحت رعاية الأديب محمد المر، بجولة حول معرض الكتاب المصغر الذي شاركت فيه جملة من المؤسسات والدوائر الثقافية منها: وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، وجائزة الشيخ زايد للكتاب، ومشروع كلمة، ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، ومؤسسة سلطان العويس الثقافية، ومركز جمعة الماجد للتراث، وجائزة دبي للقرآن الكريم، ودائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، و اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، ودار الخليج للصحافة والطباعة والنشر.
وأعلن سلطان صقر السويدي، رئيس مجلس إدارة الندوة، عن انطلاق المؤتمر بكلمة افتتاحية قال فيها: «باسمي واسم زملائي أعضاء مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم نفتتح اليوم مؤتمرنا السنوي السادس، حيث اخترنا له عنواناً دالاً هو (الإمارات تقرأ) انطلاقاً من المبادرة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، (2016 عام القراءة)، والتي دعمها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي بتوجيه الحكومة إلى إصدار (الاستراتيجية الوطنية للقراءة)، فضلاً عن إطلاق العديد من المبادرات التي تحث على القراءة وتشجعها مثل (تحدي القراءة العربي)، الأمر الذي يؤكد أن قيادتنا الرشيدة تدرك تماماً أن الأمم لا تنهض إلا بالمعرفة، وجوهر المعرفة يتمثل في القراءة».
وجاءت محاور المؤتمر في أربع جلسات حملت عناوين مختلفة في علاقة القراءة بالمجتمع، والإعلام، ووسائل الاتصال الحديثة، وانعقدت الجلسة الأولى تحت عنوان «نحو مجتمع قارئ.. رؤى مستقبلية» قدمها الأديب محمد المر، وأدارها رئيس مجلس إدارة الندوة، سلطان صقر السويدي، والثانية تحت عنوان «المؤسسات وتعزيز ثقافة القراءة»، شارك فيها المسرحي د. حبيب غلوم، مدير النشاطات في وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، ود. علي بن تميم، أمين عام جائزة الشيخ زايد للكتاب، وسالم عمر سالم، وأدارها علي عبيد الهاملي.
أما الجلسة الثالثة فجاءت بعنوان «الصالونات الثقافية، والجوائز العالمية وثقافة القراءة»، شاركت فيها كل من: موزة مبارك القبيسي، ومريم الغفلي، وموزة الهاملي، وآمنة باروت، وسعيد حمدان، وأدارها د. سليمان موسى الجاسم، فيما وخصص المؤتمر الجلسة الختامية لمناقشة دور الإعلام في تعزيز ثقافة القراءة، تحت عنوان «القراءة والإعلام»، وشارك فيها كل من؛ حسن يعقوب، ود. بروين حبيب، وهبه السمت، وأدارها جمال مطر.
ودعا الأديب محمد المر في جلسته الأولى إلى ضرورة وجود استراتيجيات متكاملة تستهدف، الأسرة والمنظومة التعليمية، والبنى التحتية المؤهلة للفعل الثقافي، والإعلام المتكامل المنسجم مع دوره، حيث أوضح أن المنظومة التعليمية تحتاج إلى إعادة نظر لغرس ثقافة القراءة المحبة والممتعة، الشغوفة الخارجة من القراءة القائمة على الدرس والامتحانات وغيرها.
واعتبر المر أن البنى التحتية التي يجب النظر إليها في العمل على مشروع القراءة في الدولة، تتمثل في المكتبات العامة، والمدارس، والجامعات، ودور النشر، وغيرها من مراكز الإنتاج الثقافي، مشيراً إلى أن الوسائل التكنولوجية لا تعوض عن كل هذه البنى الأساسية.
وعزز المر من أهمية هذه الاستراتيجية بقوله: «إنه تم القضاء على الأمية في دولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة كبيرة، وذلك نتيجة جهود القيادة الرشيدة ورؤية المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه بإتاحة التعليم للرجل والمرأة على حد سواء، وإلزاميته في المراحل العمرية الأولى، حتى أصبح مجتمع الإمارات في مصاف الدول التي تخطت الأمية بكل أشكالها، سواء التعليمية أو التكنولوجية، مما مكن أبناء الدولة من تنمية مهاراتهم المعرفية وبعث على التفاؤل بمستقبل الإمارات».
واستعرضت الجلسة الثانية دور المؤسسات الرسمية في تكوين فعل القراءة، ودعم الحراك الثقافي، حيث قدم د. حبيب غلوم مداخلة في ذات السياق متوقفاً عند التساؤلات الأهم في فعل القراءة، معتبراً أن شعار «الإمارات تقرأ» ليس أمنية، وإنما هو هدف، لذلك يتطلب خططاً وجهوداً، وتعاوناً، واستراتيجيات، وقال «إن للإمارات خصوصية لافتة لا تتوفر في الكثير من بلدان العالم، وهي أن المؤسسة الرسمية هي التي تطرح المبادرات الثقافية، وتدعم المثقفين، وليس المثقف هو الذي يكافح ليطرح رؤيته، الأمر الذي يجعل الطريق معبدة أمام الكثير من الإنجارات التي تحتاج من المثقفين والمؤسسات الأهلية والمجتمع أن يستغل هذه المبادرات الكبرى».
ولخص د.علي بن تميم في مداخلته تجربة مشروع «كلمة للترجمة» وأهم التحديات التي تواجه الثقافة العربية، على صعيد متابعة النتاج المعرفي العالمي، فعرض لتاريخ إطلاق المشروع، والأهداف التي قام عليها، وأهم المبادرات والإنجازات التي قام بها سواء على صعيد عدد المؤلفات التي اقتربت من ألف إصدار بمعدل يفوق مئة كتاب سنوياً، أو على صعيد الاتفاقيات التي أبرمها المشروع مع دور نشر، والمؤسسات الأكاديمية والبحثية من مختلف بلدان العالم.
وقدم سالم عمر سالم استعراضاً وافياً حول جهود هيئة الشارقة للكتاب، من خلال عرضه لفيلم وثائقي يبين المراحل التي وصل إليها معرض الشارقة للكتاب، منذ انطلاقته حتى اليوم، كاشفاً النقاب عن آراء الكثير من الكتاب والإعلاميين العرب والعالميين، بما يمثله المعرض للمنطقة العربية والإمارات بصورة عامة، وأشار سالم إلى الأرقام التي وصل إليها المعرض بوصفه رابع أكبر معرض للكتاب في العالم.
وطرحت الجلسة الثالثة موجزاً تاريخياً للصالونات الأدبية في الإمارات، فقدمت موزة مبارك القبيسي، نيابة عن الشيخة الدكتورة، شما بنت محمد بن خالد آل نهيان، رئيسة صالون «مجلس الفكر» في العين، ورقة كشفت فيها عن حجم النشاطات التي يقوم بها المجلس، والمراحل التي وصل إليها منذ انطلاقه في العام 1997، طارحة سلسلة من التوصيات التي من شأنها النهوض بدور الصالونات الثقافية في الإمارات، فقالت: «من المهم الخروج بالصالونات إلى المجتمع وعدم الاكتفاء بإطارها الضيق، والعمل على توفير إدارة لرعاية ودعم الصالونات على مختلف الأصعدة، وتوفير خطوط تواصل وتعاون مشترك بين دور النشر والصالونات في الدولة».
وكشفت مريم الغفلي، الجهود التي قامت بها مؤسسة بحر الثقافة، وحجم المشاركات التي نفذتها في الفعاليات والمعارض الثقافية في الدولة، مشيرة إلى العمل المتواصل الذي قام به المجلس منذ نشوئه حتى تحوله إلى مؤسسة ثقافية متكاملة.
واستعرضت موزة الهاملي في حديثها عن صالون «الملتقى الأدبي» المسيرة الثقافية التي قادتها صاحبة الصالون أسماء صديق المطوع، والعمل الدؤوب نحو تعميم الفعل الثقافي في أبوظبي، موضحة أن العمل على النادي تكلل بالنجاح.
وعرضت مؤسسة «الصالون الأدبي المتجول» آمنة الباروت لمحة عن تاريخ الصالون والأفكار الجديدة التي وظفتها لتعميم فكرة الصالون، والتنقل به من مكان إلى آخر.
ولخص سعيد حمدان أبرز أهداف وتوجهات «جائزة الشيخ زايد للكتاب» مشيراً إلى أهم أهدافها القائمة على تكريم وتقديم الأدباء والمفكرين، وكاشفاً عن أفرع الجائزة التسعة، وعدد الدول المتزايد التي تتقدم لها.
واختتم المؤتمر بجلسة «الإعلام والقراءة»، حيث عرض الإعلامي حسن يعقوب، دور الإذاعة في تعميم ثقافة القراءة، وتفعيل دور الكتاب من خلال تحويل الكتب إلى برامج إذاعية، والعكس، ومن خلال البرامج التي تستعرض الإصدارات وتتناول المؤلفات الحديثة، وغيرها.
وكثفت الإعلامية بروين حبيب، تجربتها في الإعلام الثقافي، بالوقوف عند التحديات التاريخية التي تواجه الثقافة في الإعلام بقولها: «المسألة الثقافية تأتي في آخر أولويات المحطات التلفزيونية، وغالباً لا تحظى بنصيبها من الميزانيات بقدر البرامج الترفيهية والغنائية وسواها».
وتوقفت هبة السمت، عند دور مواقع التواصل الاجتماعي على إحداث تغيير إيجابي في مشروع القراءة الإماراتي، والعربي.