Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18068

حكاية «نور الدين»

$
0
0
قرأ اسمه مطبوعاً في حكاية من حكايات «ألف ليلة وليلة»، فبدأ يقصه من الصفحات التي تحمله ويلصقه فوق أغلفة دفاتره المدرسية، وكان يقول لزملائه الصغار في المدرسة «ألا تعلمون أني كاتب»؟ ومن مجرد بداية ساذجة تغلفت بمزحة طفولية انطلق «نور الدين فارح» من طفل سعيد برؤية اسمه مطبوعاً في كتاب ويردد عبارة «أنا كاتب، أنا كاتب»، ليصبح واحداً من أهم الكتّاب في القرن العشرين، ومؤلفاً لأكثر من 10 روايات، مسجلاً بإبداعاته اسم الصومال في خريطة الأدب المعاصر ، وقد اعتبرت روايته (خرائط) واحدة من أفضل 100 رواية في القرن العشرين.
ورغم أنه استفاد من انتمائه لأم شاعرة أخذت بدورها موهبة الشعر من والدها، لكنه اتجه نحو الرواية لأنه كان يريد تسجيل أفكاره كتابة وليس مجرد قول الشعر، والبقاء في دائرة الرواية الشفهية كما فعل.
وأدرك «نور الدين» منذ طفولته بأن القراءة والكتب ستسهل أحلامه في هذا العالم الواسع، لأن وعيه الأكبر بكون حكايات الليالي ليست صومالية ، هو ما دفعه ليقرر كتابة حكايات الطفل الصومالي فيضيفها إلى كل ما روي وما يروى من حكايات عن بقية الأطفال في العالم.
ومع بداية اهتمامه بالكتابة وهو لم يتجاوز الخامسة عشرة، اكتشف ضعف اللغة الصومالية التي لا تملك حروفاً هجائية يتفق الجميع عليها في الكتابة، ورغم قدرته على الكتابة باللغة الأمهرية التي تعلمها مباشرة بعد اللغة العربية ، لكنه لم يرغب بذلك لأنه تربى منذ طفولته على أن الأمهرية لغة عدو الصومال ، إضافة إلى عدم توافر آلة كاتبة باللغة العربية ما مهد للكتابة باللغة الإنجليزية التي تعلمها خلال مراحل دراسته في مدرسة إنجليزية ، عدا عن توفر آلة كاتبة أكثر تطوراً وسهولة بهذه اللغة مع سهولة الحصول على كتب لقراءتها بالإنجليزية.
كانت الصعوبة الكبرى تكمن في عدم وجود مكتبة في بيتهم ، وكانت قلة الكتب العربية الواردة إلى الصومال ، حيث لا يتوافر أكثر من كتابين أو ثلاثة في بعض البيوت، وهو الأمر الذي يجعله مرغماً على الانتظار ستة أشهر ليصل كتاب جديد ولكنه يصل في نسخة واحدة، فيصبح عليه انتظار دوره في قراءته من جديد.
وتمحورت معظم الكتب التي كانت تصل إليهم حول مؤلفات الكاتب محمد حسين هيكل ومجلة روز اليوسف، ومع هذا كان «نور الدين» يبحث عن الكتاب بشغف ويحلم بأن يكتب يوماً فيقرأه العالم.
حصل نور الدين فارح على جائزة «نيوستاد الأدبية» عن مجمل أعماله عام 1998 (وهي ثاني أهم جائزة أدبية بعد نوبل)، ولنا أن نتخيل ماذا سيفعل مشروع إماراتي قومي يتطلع نحو «أمة تقرأ» لأطفال العالم ذات يوم؟


باسمة يونس
basema.younes@gmail.com


Viewing all articles
Browse latest Browse all 18068

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>