في الكلمات الختامية من كتابه «نقد العقل المحض»، يعبر كانط عن أمله أن يكون باتباعه طريق الفلسفة النقدية سيحقق -قبل انتهاء قرنه- ما عجزت العديد من القرون السابقة عن تحقيقه؛ ألا وهو:«منح العقل البشري الرضا الكامل عما أثار فضوله تاريخياً».
ليست تلك أمنية كانط وحده، فكل الفلاسفة منذ سقراط حتى اليوم، يجتهدون لتحقيق الغاية ذاتها، محققين في كل محاولة، منطلقات مركزية لتفسير العالم وتاريخه، فمرة يكون تقدم الوعي بالحرية، هو مسار تاريخنا، ومرة تكون العلاقات الاقتصادية، ومرة الصراعات الطبقية، وأخرى مفهوم التحدي والاستجابة بالنسبة للتاريخ والحضارة..الخ.
فرضت كل تلك التيارات سطوتها على العلم والأدب والفن في المراحل التي ظهرت فيها، فكانت هي محرك الفعل الإبداعي والعقل العلمي، فلم تكن تلك التيارات الفلسفية كامنة في عقول كبار منظريها وحسب، وإنما كانت أفكارها تتشعب وتتوالد للحد الذي تجلت في اللوحة، والقصيدة، والرواية.
ينكشف هذا الأثر المباشر لتاريخ الأفكار الفلسفية الكبرى بالعودة إلى ما قدمه النمساوي فرويد من فتوحات معرفية حول الأحلام، إذ تحوَّلت اجتهاداته وبحوثه النفسية، إلى تجارب بصرية على سطح اللوحة قدمها عبقري السوريالية سلفادور دالي.
تنطبق هذه العلاقة بين الكد الذهني الفلسفي المحض، والممارسة الإبداعية الفاعلة، على الكثير من المدارس الفلسفية تاريخياً، فمن قال أن نيتشه لم يتزعم تياراً إبداعياً عريضاً في أطروحته «الرجل الخارق»، ومن قال إن دريدا لم يحدث انزياحاً تاريخياً في تاريخ الرواية والقصة والقصيدة واللوحة.
واحدة من أكثر التيارات الإبداعية التي أنجبتها الفلسفة العقلية، كانت الفلسفة الطبيعية، التي تؤمن بأصالة الطبيعة، وتعتبر أن الإنسان جزءاً من الطبيعة التي هي في نظرهم أشبه بجسد، تتكامل وظائف أعضائه لتشكل وحدة عضوية أصيلة تحافظ على اتزانه، على غير ما جاء به الوجوديون.
يعد الفيلسوف الصيني لاوتزو من أوائل المفكرين الذي نادوا بأصالة الطبيعية، فكان كل ما قدمه الطبيعيون من مصطلحات ومفاهيم تجلت في القرن الثامن عشر هي أفكاره التي سبقهم إليها قبل ذلك بأكثر من ألف عام، فكان يقول: «تشبه حركة الطبيعة حركة النهر الذي يجري طبق القوانين الكلية للطبيعة، وهذه الحركة الكلية تعود لجميع الأشياء الموجودة في الطبيعة، ونحن جزء من تلك الأشياء التي تتحرك وفق حركة الطبيعة، لذا يجب أن تكون حركتنا متوافقة مع حركة الطبيعة الكلية».
يكشف هذا التاريخ للأفكار الفلسفية الكبرى، حاجتنا اليوم إلى من يقود مسار الإبداع الكوني، وينتج تيارات جديدة يحقق خلافها وتضاربها تفاعلاً لإنعاش الإبداع وإنقاذه من الفردية الخالصة التي يغرق فيها ويتحول معها إلى فعل ميكانيكي آلي يوافق انزياحات العصر الحديث بكل تحولاته.
ليست تلك أمنية كانط وحده، فكل الفلاسفة منذ سقراط حتى اليوم، يجتهدون لتحقيق الغاية ذاتها، محققين في كل محاولة، منطلقات مركزية لتفسير العالم وتاريخه، فمرة يكون تقدم الوعي بالحرية، هو مسار تاريخنا، ومرة تكون العلاقات الاقتصادية، ومرة الصراعات الطبقية، وأخرى مفهوم التحدي والاستجابة بالنسبة للتاريخ والحضارة..الخ.
فرضت كل تلك التيارات سطوتها على العلم والأدب والفن في المراحل التي ظهرت فيها، فكانت هي محرك الفعل الإبداعي والعقل العلمي، فلم تكن تلك التيارات الفلسفية كامنة في عقول كبار منظريها وحسب، وإنما كانت أفكارها تتشعب وتتوالد للحد الذي تجلت في اللوحة، والقصيدة، والرواية.
ينكشف هذا الأثر المباشر لتاريخ الأفكار الفلسفية الكبرى بالعودة إلى ما قدمه النمساوي فرويد من فتوحات معرفية حول الأحلام، إذ تحوَّلت اجتهاداته وبحوثه النفسية، إلى تجارب بصرية على سطح اللوحة قدمها عبقري السوريالية سلفادور دالي.
تنطبق هذه العلاقة بين الكد الذهني الفلسفي المحض، والممارسة الإبداعية الفاعلة، على الكثير من المدارس الفلسفية تاريخياً، فمن قال أن نيتشه لم يتزعم تياراً إبداعياً عريضاً في أطروحته «الرجل الخارق»، ومن قال إن دريدا لم يحدث انزياحاً تاريخياً في تاريخ الرواية والقصة والقصيدة واللوحة.
واحدة من أكثر التيارات الإبداعية التي أنجبتها الفلسفة العقلية، كانت الفلسفة الطبيعية، التي تؤمن بأصالة الطبيعة، وتعتبر أن الإنسان جزءاً من الطبيعة التي هي في نظرهم أشبه بجسد، تتكامل وظائف أعضائه لتشكل وحدة عضوية أصيلة تحافظ على اتزانه، على غير ما جاء به الوجوديون.
يعد الفيلسوف الصيني لاوتزو من أوائل المفكرين الذي نادوا بأصالة الطبيعية، فكان كل ما قدمه الطبيعيون من مصطلحات ومفاهيم تجلت في القرن الثامن عشر هي أفكاره التي سبقهم إليها قبل ذلك بأكثر من ألف عام، فكان يقول: «تشبه حركة الطبيعة حركة النهر الذي يجري طبق القوانين الكلية للطبيعة، وهذه الحركة الكلية تعود لجميع الأشياء الموجودة في الطبيعة، ونحن جزء من تلك الأشياء التي تتحرك وفق حركة الطبيعة، لذا يجب أن تكون حركتنا متوافقة مع حركة الطبيعة الكلية».
يكشف هذا التاريخ للأفكار الفلسفية الكبرى، حاجتنا اليوم إلى من يقود مسار الإبداع الكوني، وينتج تيارات جديدة يحقق خلافها وتضاربها تفاعلاً لإنعاش الإبداع وإنقاذه من الفردية الخالصة التي يغرق فيها ويتحول معها إلى فعل ميكانيكي آلي يوافق انزياحات العصر الحديث بكل تحولاته.
محمد أبو عرب
Abu.arab89@yahoo.com