Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18097

إفريقيا.. قصة الشعر

$
0
0
علاء الدين محمود

مازال الكثيرون يرون في القارة الإفريقية أحد أبرز الأمكنة المنغلقة في الكون، مكان لا يبوح بأسراره الكثيرة، فهو أيقونة، أو هكذا يراد للقارة البكر، التي مازالت تقترن بالأسطورة والسحر والغرائبيات، ومن هنا يفسر الإقبال على معرفة واستكشاف هذه القارة ، فالإنسان يحب الغرائبيات، والشعر الإفريقي ما قبل التحرر والبحث عن الهوية في خمسينات وستينات القرن المنصرم، هو ابن تلك البيئة، هو نتاج ذلك الطقس السحري، طقس المعتقدات والأديان الإفريقية، لذلك يحتشد الشعر الإفريقي القديم بعبارات التقديس، وكأنه موسيقى صلوات خافتة مسترسلة، ليست مجعدة كما هو التصور السائد، هو تلك الحكايات التي تحدث في الواقع اليومي، وكذا الحال عن الصراع مع المجهول والطبيعة، وتمجيد الفرسان والزعماء، فما عرف عن الشعر الإفريقي القديم يدور في معظمه حول الخرافات والأساطير والسحر المخلوط بالواقع، تلك التي يطلق عليها في الأدب «الواقعية السحرية».
والحكايات الإفريقية القديمة، كان يلعب فيها «الراوي» دوراً كبيراً، ويجمع بين كل الفنون، فيلقي بعض المحكيات شعراً، وفق أسلوب مسرحي، يقلد فيها الأصوات كالمطر والرعد والحيوانات، حيث تكتسب «الراوية» مكانة خاصة ومهمة في مجتمعه، ويتفرد بالإمكانيات الكلامية والبلاغية، وكانت المشافهة وسيلة الاتصال الرئيسية، فالأخبار والأساطير والأشعار تنتقل من قبيلة إلى أخرى، ومن جيل إلى جيل عن طريق الرواية الشفوية، وعن طريق هذه المشافهة وصل الأدب الإفريقي إلى العالم، يحمل الشعر والقصص وفن الغناء، لمختلف القبائل الإفريقية، ويشمل ذلك الأدب الشفاهي الإفريقي كل أنواع الأدب الذي عرفته القارة البكر من أشعار ملحمية، وأغانٍ شعائرية، وقصص وأساطير وخرافات تتعلق بنشأة الكون، وبالعلاقة مع الطبيعة، فكل جانب من جوانب الحياة في إفريقيا يترافق مع الأناشيد وشعر الرعاة والحرب والكوارث والأفراح وغيرها.
وهنالك من الأشعار ما يتطلب إلقاءه ساعات طويلة ذلك الذي ينظمه الكهنة، والذي يحكي عن الصراع، وقصة خلق الكون وفق التصورات الإفريقية الأولى، كذلك هنالك شعر الكهان الذي يستخدم عند الحكم في قضية معينة، أو الذي يتناول قصة بطولية لمعركة أو لقائد عظيم، وقد حمل الأدب الشفهي الإفريقي السائد الميراث الثقافي الإفريقي، ويبرز تلك القيم الحقيقية لإفريقيا، القيم الحضارية والأخلاقية، ويعكس التراث الغني الذي حفلت به القارة.
والحقيقة أن هذه الآداب الشفاهية تراجعت مع بدايات جديدة للقارة عقب نهاية الاحتلال الذي استمر كثيراً لإفريقيا، ورافق تلك النهايات تحولات وبدايات جديدة أدت إلى ظهور الآداب المكتوبة، وظل الشعر الإفريقي القديم، محمولاً في صدور الشعراء والمثقفين، وما زالت الكتابات عن ذلك الشعر بالفعل ضنينة، غير أن الشعر الجديد الذي نهل من ذلك التراث تطور بالفعل وتعددت أغراضه، وقد أسهم في معارك التحرر ضد المستعمر وفي الآمال الكبيرة في بناء غد للقارة فبرز كثير من الشعراء الذين اهتم بأدبهم العالم، بعد تجاهل طويل.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 18097

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>