بعض الآراء التي برزت خلال الجلسات المصاحبة لبرامج اجتماعات المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، التي اختتمت أعمالها، أمس الأول، بدبي، كانت مؤلمة جداً، وهي الجلسات التي عقدت تحت العنوان الكبير «نحو استراتيجية ثقافية في الوطن العربي» التي بحثت في «استراتيجية ثقافية عربية»، و«دور المثقف العربي الآن»، و«السياسات الثقافية في الوطن العربي»، وهي عناوين لا شك في أنها جيدة تؤكد دور الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، ويمكن أن تحرك راكداً في مياه الثقافة العربية والفعل الثقافي فيها، بعرضها لكثير من الحقائق المريرة، وعلى رأسها تدني نسب الإقبال على القراءة، إلى حد أن إحدى الدراسات حددت «نصف صفحة» للقارئ العربي في العام، وهي نسبة ضئيلة جداً، وعلى العكس مما هو شائع في تصوراتنا حول أنفسنا، حيث اتضح أننا أمة لا تقرأ، بعد أوهام وتخيلات عشناها وتربينا عليها، حتى ظننا أن لا قراءة خارج لغة الضاد، ولا ينبغي لها أن تكون كذلك، لكن وبفضل هذه الدراسات «الأممية» صرنا عراة في وجه تصوراتنا، أمام أساطيرنا التي نسجناها من حروف اللغة الثمانية والعشرين.
غير أن المعالجة التي تصدى لها البعض كذلك لا تبدو مبشرة، إذ تداولوا حول ما هو معلوم من الأسباب، جهة البحث عن أفكار هشة لا تصمد أمام الفحص البسيط، فهي آراء تقطع الطريق أمام التعاطي معها لتعاليها أولاً، وثانياً، لأن بساطتها منزوعة المعرفة.
والآراء المؤلمة التي برزت من خلال النقاشات من ذلك النوع الذي يريد أن يربأ بالمبدع والمثقف عن مسؤولية تدني مستوى القراءة، وبالتالي رمي اللوم على المتلقي، على القارئ، أي على المستهلك، رغم أن تلك التقسيمات قد مسّها ما مسّها من تحولات في العلاقة، إلى حد أن أصبح الجميع مبدعون، كاتباً وقارئاً، غير أن المهم هو تلك المحاولات التي وضحت من خلال مداخلات ترى أن المبدع قد قام بعمله، وتبقى المشكلة في القارئ، ليس بسبب الكسل فقط، كما قالوا، بل بسبب الأحوال السياسية والاقتصادية، وربما مصدر إحباط هذه الآراء أنها تكرس لاستعلائية المبدع، لكأن هذا المبدع هو شخص «مصفح» لا تمسّه التحولات السياسية، ولا الأزمات الاقتصادية، هذا من شأنه أن يعطل أهم مفاتيح الحلول، وهو ضرورة انخراط المبدع/ المثقف في العملية الثقافية والمعرفية برمتها، لأجل واقع جديد، يعيد الاعتبار للقراءة، وربما أن التقارير التي أشرنا إليها تجعل العمل في قضية «القراءة» مسألة ملحة.
alaamhud33@gmail.com