إذا أردت أن تكون مؤثراً في الآخرين يجب أن تصبح شاعراً تستخدم في أحاديثك عبارات مناسبة تتلاءم مع كل المواقف وكأنك تلقي قصائد تحفز بها المشاعر والأحاسيس.
تصف جانيت هاود مدربة الصوت في شركات وأكاديميات قانونية ومسرحية في المملكة المتحدة وأمريكا الشمالية وأستراليا وأوروبا، التحدث بشكل جيد بأنه أهم عنصر من عناصر القيادة، لأن القائد عليه أن يجعل الآخرين يفهمون ما يريده منهم، وأفضل طريقة لذلك، تكمن في استخدام «أفضل الكلمات في ترتيب أفضل».
وتستعين هاود بما قاله الشاعر والناقد الإنجليزي صامويل تايلر كولريدج الذي وصف النثر بأنه عبارة عن (الكلمات في أفضل ترتيب) بينما وصف الشعر بكونه (أفضل الكلمات في أفضل ترتيب) لكن هاود لا تقترح أنه ينبغي على أي شخص يريد النجاح في التأثير في الآخرين التحول إلى صنبور متدفق بالجمل والعبارات الشاعرية الزائفة، والمحملة بالكثير من الزخارف والمجاملات، بل عليه استخدام الكلمات الجيدة والمنتقاة بعناية، التي ستجعل من يسمعونه قادرين على التخيل، والحفاظ على الصور المتخيلة واستعادتها في عقولهم لفترة أطول بعد نهاية الاجتماع الذي قيلت فيه هذه الكلمات.
وتابعت أن القائد الذي يعبر بشكل جيد سينجح في تحويل كافة خطاباته إلى جسور تفاهم مع الآخرين، وسيفلح في تبسيط الأفكار المعقدة والتعبير عن جوهر هذه الأفكار، التي ينبغي للجميع فهمها، لكي يتمكنوا من إنجاز المطلوب منهم على أكمل وجه.
وتذكر هاود بما يمكن أن تفعله قدرات المتحدثين بلباقة وطلاقة، واستخدام الكلمات اللطيفة في بث شعور بالارتياح بين المستمعين، ومنحهم فرصة الاستمتاع بما يقال، حتى لو جاؤوا بقرار مسبق، وهو عدم السماح لأنفسهم بالانسياق وراء معسول الكلام والوقوع في شباك هؤلاء المتحدثين المعروفين بقدرتهم على السيطرة على العقول والتأثير فيها.
وتؤكد هود أن نجاح المتحدث في التأثير في مستمعيه، يأتي بالتدرب على طريقة الحديث، وكيف ومتى يردد الكلمات ويضبط إيقاعاتها مع نبرة صوته، تماما كما يردد الشاعر القصائد بنبرة متلونة ومتمكنة في استدعاء الصور في مخيلة السامعين وامتداح قدراتهم.
لقد قال الكاتب المعروف مارك توين يوماً: «إنني قادر على العيش لمدة شهرين على عبارة مديح جيدة». وما قاله حقيقة واقعة لأن المدح يحفز الشعور بالسعادة لفترة طويلة، كما يسهم التوبيخ بتحفيز الشعور بالإساءة لمدة أطول، وهذا ما يدعو القائد لتحديد النتيجة التي يرغب في التوصل إليها من خلال خطاباته وأحاديثه التي يطلقها بين الناس.
قالت شاعرة المملكة المتحدة المعروفة كارول آن دوفي: «الشعر هو كل ما حولنا وفي كل وقت، سواء في الأغنية أو في الكلام أو على صفحات الكتب، ونحن نستخدمه في كلامنا، كلما كانت المناسبة التي سنتحدث فيها، سواء أكانت شخصية أو عامة ذات أهمية بالغة».
basema.younes@gmail.com