يميل معظم هؤلاء في أعمالهم إلى غموض كذوب، ربما أريد له إخفاء الكثير من العطب، فهذه ربما واحدة من أساليب الدفاع، والأمر الثاني المميز لتلك الظاهرة يتمثل في تصورهم أنهم يتميزون بإبداع خاص داخل حدود شلة الصداقة تلك، إذ يتبادلون الإشادات فيما بينهم والنقد الرحيم، هذه الشلة تكفي عن جمهور المتلقين فمن التصورات التي تنشأ داخل هذه الدائرة أنهم أكبر من الجمهور الذي بالكاد يستطيع أن يصل لمستويات إبداعهم المتخيلة، هذا بالطبع يعبر عن وضع شاذ، وإن كان لا ينفي داخل هذا الوضع بعض المحاولات الحقيقية والجادة، لكنها تفتقد الفحص الحقيقي، فقد اكتفوا تماماً بأنفسهم حكماً على أعمالهم، وربما لا يمثل لهم من سبقوهم من الشعراء والمدارس الشعرية شيئاً، فهذا الاستيعاب يظل غائباً عندهم.
في مقاله «أكاذيب الشعراء الجدد» صب الروائي والصحفي التونسي حسونة المصباحي جام غضبه وسلط سهاماً نقدية حارقة نحو الشعراء الجدد، عندما وصف تجمعاتهم الأدبية بالعصابات، واتهمهم بتهم قاسية وذلك عندما وصفهم بالجهل والعجز وانعدام الموهبة، والكثير من العنف اللفظي تجاه هؤلاء الشعراء الجدد حد أن وصفهم بكونهم قد دمروا الشعر، وأن التجديد الشعري لديهم مجرد تجديد في الشكل فقط، ومما ذكره في حق هؤلاء الشعراء، أنهم كائنات خاوية، وتتنفس هواء الأماكن المغلقة، وتخشى السير في الغابات الداكنة الظلال، ولأنهم ينظرون إلى العالم من حولهم من خلف أوهامهم وخيالاتهم، وقراءاتهم المتسرعة، فقد جاءت قصائدهم باردة، وجافة، وكاذبة، وخالية من التوهج والإشراق.
ربما لا تكون الصورة بتلك القتامة التي رسمها صاحبنا، ورغم وجود بعض قليل من الإشراقات لكن هذا لا ينفي وجود أزمة نص شعري، وهو مرتبط بحالة متكاملة يجب توفرها وإلا فإن البديل دائماً يكون محاولات تخرج عن السياق وتؤسس لنفسها منصات وحصوناً وهو ما يمكن أن نطلق عليه مجتمع «الشلة» الثقافي.
علاء الدين محمود
alaamhud33@gmail.com