Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18097

«حليب ساخن».. حياة مُتحجرة لا تنفعها أحلام اليقظة

$
0
0
القاهرة:نصر عبد الرحمن

وصلت رواية «حليب ساخن» للكاتبة ديبرا ليفي إلى القائمة القصيرة لجائزة بوكر الإنجليزية هذا العام، بعد منافسة قوية مع أسماء كبيرة ضمتها القائمة الطويلة للجائزة. ديبرا كاتبة مسرحية وروائية وشاعرة إنجليزية، ولدت في جنوب إفريقيا عام 1959، وتخرجت في كلية دارتنتون للفنون عام 1981. بدأت حياتها الأدبية فور التخرج بكتابة عدة مسرحيات، عرضت منها فرقة شكسبير الملكية مسرحيتين هما «هرطقة»، و«أيقونة القُداس»، كما عملت مُخرجة وكاتبة في إحدى الفرق المسرحية. وفي عام 1986، كتبت روايتها الأولى «مسوخ جميلة»، ثم أصدرت روايتها الثانية «ابتلاع الجغرافيا» عام 1993، وأصدرت روايتها الثالثة «بيلي والفتاة» التي لفتت إليها الانتباه كروائية تمتلك قدرات لغوية وسردية واضحة. وفي عام 2012، نشرت روايتها الرابعة «العودة إلى المنزل سباحة»، والتي حققت نجاحًا كبيرًا على مستوى المبيعات وعلى المستوى النقدي، كما وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة بوكر الإنجليزية في نفس العام. نشرت كذلك ديوان شعر بعنوان «حوار عن العشق على حافة الجحيم» عام 1990. وصلت ديبرا إلى القائمة القصيرة ست مرات في جوائز عالمية كبيرة من قبل، إلا أنها لم تحصل على أي جائزة حتى الآن، ولا يزال أمامها فرصة في المنافسة على جائزة بوكر هذا العام.
بطلة رواية «حليب ساخن»، هي شابة في الخامسة والعشرين من عمرها، والدها يوناني وأمها إنجليزية. ينفصل أبواها فتضطر لرعاية والدتها، وتسافر معها إلى إسبانيا، لعلاج المرض النادر الذي أصابها وأقعدها عن الحركة. درست صوفيا الإنثروبولوجيا، إلا أن الظروف أرغمتها على العمل كنادلة في مطعم لكي تتمكن من رعاية أمها المريضة، كانت تشعر بالخجل حين يسألها أحدهم عن عملها، وهو ما جعلها تسخط على أمها أحيانًا. تتراوح مشاعر صوفيا بين الإشفاق على أمها، وبين الغضب منها لأنها حرمتها من الحياة كما كانت ترغب وتخطط، وتنطوي الرواية على معركة خفية بين الأم وابنتها طوال الوقت، إذ يتبادلان فيها مواقع القوة والضعف، ودور الضحية والجلاد. هناك إيحاءات أن الأم تدعي المرض، وأن ما تعانيه ليس إلا أعراضاً جسمانية لمرض نفسي أو نوع من الرُهاب ينتابها حين تفكر أن ابنتها يمكن أن تبتعد عنها. كانت صوفيا تطمح لحياة مختلفة، تحقق فيها إنجازًا ما، لكنها اكتشفت أنها مُحاصرة، شعرت بأن أمها المُعاقة أعاقت مُستقبلها.
تسيطر على الرواية روح أسطورية منذ الصفحة الأولى، إذ يلدغ البطلة نوع من قنديل البحر يُسمى «ميدوزا»، فتتذكر على الفور وحش المرأة الإغريقية التي تخرج الأفاعي من رأسها بدل الشعر، ولها نظرة قادرة على تحويل الإنسان إلى حجر. يطارد هذا الوحش صوفيا في الأحلام، وتقدم الفتاة ذات الأصول اليونانية، والتي تعمل في مجال الإنثروبولوجيا، تفسيراً لتلك الكوابيس بشعورها أن ميدوزا هي أمها التي حولتها إلى حجر عاجز عن الحركة. تعاني صوفيا قلة النقود؛ بسبب عجزها عن الحركة والبحث عن العمل، إضافة إلى غياب والدها وانشغاله مع أسرته الجديدة، وما زاد من ارتباكها هو قيام الأم برهن المنزل لتدفع مصروفات العيادة. ترى كذلك أن ثقل وجود أمها يمنعها من الحب بشكل حقيقي، فهي لن تستطيع الارتباط عاطفياً والزواج في ظل التزامها برعاية أمها. تقتصر علاقتها العاطفية على أحلام اليقظة أثناء مشاهدة مقاطع عاطفية على الإنترنت، وتحاول أن تقمع جسدها بالتدرب على ألعاب رياضية عنيفة. تحاول أن تعيش حياتها في الخيال، وتستسلم لبعض النزوات باعتبارها سائحة في إسبانيا، إلا أنها استسلمت في النهاية إلى الفخ الذي وقعت فيه، بعد أن أدركت أن حياتها تحجرت بالفعل.



Viewing all articles
Browse latest Browse all 18097

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>