Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18085

مؤتمر دبي للترجمة يبني جسور التفاعل الحضاري والإنساني مع الآخر

$
0
0
دبي: محمد ولد محمد سالم

انطلق صباح أمس في جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية في دبي «مؤتمر دبي للترجمة» الذي تنظمه مؤسسة الإمارات للآداب بالتعاون مع المجلس التنفيذي لحكومة دبي، ويستمر 3 أيام، وتتخلله جلسات نقاشية وورش تتعلق بكافة جوانب الترجمة، وذلك بحضور الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة وتنمية المعرفة والشيخة لبنى القاسمي وزيرة دولة للتسامح، والأديب محمد المر، وعبدالله الشيباني الأمين العام للمجلس التنفيذي لحكومة دبي، وإيزابيل أبو الهول الرئيسة التنفيذية وعضو مجلس الأمناء لمؤسسة الإمارات للآداب،
قال الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان «إن الترجمة هي وسيلة التواصل الدائمة بين الشعوب، وحفظ المعرفة للإنسانية وتطويرها، وإن العرب قد حرصوا على الترجمة لنقل المعرفة إلى الحضارة العربية، وحفظها للعالم، ويستدعي التركيز على اللغة العربية في المؤتمر وأحد أعظم إسهامات العرب في الحضارة الإنسانية، في القرن الثامن الهجري أنشأ الخليفة العباسي هارون الرشيد «بيت الحكمة»، الذي اضطلع بمهمة ترجمة الفكر اليوناني والروماني والفارسي أهم برنامج لحفظ التراث المعرفي الإنساني، بما فيه الفلسفة والرياضيات والعلوم، والآداب، ومن ثم إتاحتها للعالم أجمع عندما ترجمت تلك المعارف من العربية إلى اللغات الأخرى، وبذلك ساهم العرب بقسط وافر في تطوير الحضارة».
وشكر الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان المشاركين في جلسات ونقاشات المؤتمر، مشيرا إلى أن الإمارات هي ملتقى حضاري عالمي، يعيش فيها أناس من كل الأجناس، وأن وسيلة التواصل بينهم هي الترجمة، ولذلك فهي تعمل على تدعيم الترجمة بكل الطرق سبيلا للتواصل والعيش في سلام.
وأضاف: أنه يتفق مع المقولة القائلة ب «أن الترجمة هي ضرورة حضارية في عصرنا الراهن»، ولا غنى لشعوب العالم الذي أصبح قرية واحدة عنها، وأن الترجمة ينبغي أن تراعي المفاهيم والقيم الثقافية للغة والمجتمع الذي تترجم عنه، بحيث تنقل هذه القيم دون تشويه أو نقص، لأن ذلك هو أساس التفاهم، وأكد أن الإمارات تدعم فكرة التواصل عن طريق الترجمة، لكي يتاح لكل إنسان فرصة التعبير عن ذاته بلغته، لكي يحدث تلاق وتواصل حقيقي.
وختم الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان كلمته بتثمين إقامة هذا المؤتمر الذي يتيح اللقاء ويفتح النقاش بين خبراء الترجمة في العالم، من أجل تحديد تقنيات وأسس الترجمة الصحيحة الجيدة التي ينبغي أن تقوم على قيم الصدق والأمانة في نقل المحتوى، منبها إلى أن الترجمة الإلكترونية التي أصبحت سائدة اليوم عن طريق غوغل وغيره من التطبيقات لا يمكن الوثوق بها، ولا يمكن أن ترقى إلى مستوى الترجمة البشرية.
أما الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي فقالت: إن المؤتمر يأتي في سياق بناء جسور التّفاعل مع الآخر، إثراءً للحضارة الإنسانية وتأكيداً على أهمية التواصل المعرفي والفكري بين مختلف الثقافات، إذ تحرص الإمارات بقيادة صاحب السّمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان - رئيس الدّولة (حفظه الله) - على تعزيز التّمازج الثّقافي والتّنوع الفكري لما له منْ أهميةٍ في تبادل المعارف والعلوم بين شعوب العالم، كما أنّ هذا المؤتمر وغيره من المؤتمرات الدّولية التي تحْتضنها الدّولة، يجسد رؤية حكومة الإمارات برئاسة صاحب السّمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم - نائب رئيس الدّولة، رئيس مجْلس الوزراء، حاكم دبي (رعاه الله) - نحو تعزيز مجتمع المعرفة من خلال تبادل الخبرات والتجارب والعلوم عبر الترجمة من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية وبالعكس.
وأشارت الشيخة لبنى القاسمي إلى أهمية المشروع الرائد الذي تنفذه مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم ودعْمها المتواصل واللا محدود للمنظمة العربية للتّرجمة، فتعمل على تعزيز مكانة دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة على الخارطة المعرفية، وتهْدف إلى تقْوية أجيال المسْتقبل وتمكينهم من ابْتكار حلولٍ مسْتدامةٍ لتيسير عملية المعرفة والبحث في العالم العربي.
وأكدت الشيخة لبنى القاسمي أن الترجمة ينبغي أن تنقل البعْد الثّقافي للنّصوص والكتب المترْجمة، مع ضرورة حسْن الصياغة والإلمام بمعرفةٍ واسعةٍ باللغتين المسْتخدمتين في التّرجمة، ذلك أنّ التّرجمة المتقنة تثري مناحي الحياة العلمية والاجْتماعية، وتساعد في سدّ الفجوة المعرفية بين الشّعوب، وتشجع على الانفتاح الثّقافي، وتحث على التّفكير والتّطوير واكْتشاف الحقائق واسْتنباط القوانين والنّظريات، وهي سبيلنا لفهم ومعرفة الآخر، تفاعلاً مع ثقافته وحضارته، وإثراءً لتواصلنا الإنساني والمعرفي، كما تعيننا التّرجمة على تعزيز قيم التّسامح والحوار والتّفاهم وقبول الآخر، وكلما كانت لدينا رؤيةٌ واضحةٌ عنْ الآخر، كلما مكّننا ذلك منْ فهم أنفسنا بشكلٍ أكْثر، وزاد منْ قدرتنا على التّقارب بيننا على نحوٍ أكْبر، فالترجمة تساعدنا على تكْريس الصورة الصحيحة والحقيقية عنّا كعالمٍ واحدٍ ومجْتمعٍ واحدٍ وأسرةٍ واحدة، تكْتنفها قيم المودّة والمحبة والحوار والسّلام.
بدوره قال عبدالله الشيباني «إن إقامة «مؤتمر دبي للترجمة» ينبع من حرص حكومة دبي على دعم الجهود المبذولة لتعزيز ثقافة القراءة في إمارة دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك عملاً بتوجيهات صاحب السّمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله» بإعلان عام 2016 عاماً للقراءة، وتوجيهات صاحب السّمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بإطلاق السياسة الوطنية للقراءة».
وأكد الشيباني أن الأمانة العامة للمجلس التنفيذي عقدت في شهر مارس/ آذار الماضي سلسلةٍ من ورش العمل بعنوان «مختبرات الإبداع» لتسليط الضّوء على قضايا محددةٍ تتعلق بتنفيذ خطة دبي 2021، وقد أفردت للقراءة مختبرا خاصا بها باسم «جيل يقرأ»، وخرج بتوصية تؤكد أنّ تعزيز ثقافة القراءة يأتي مقترناً مع إثراء المحتوى الإبداعي باللغة العربية، سواءً من خلال: تطوير الإنتاج الأدبي العربي، أو عبر زيادة حجم المعروض من الإنتاج الإبداعي العالمي باللغة العربية، ومن هنا برزت الترجمة كأحد أهمّ توصيات المختبر.
وأضاف الشيباني أن من التحديات التي ناقشها مختبر القراءة، ما أشارت إليه إحصاءات «اليونيسكو»، حول مكانة اللغة العربية بين اللغات فيما يتعلق بالترجمة، فبالرغم من أنّ اللغة العربية تأتي في المرتبة الخامسة من حيث عدد المتحدثين بها في العالم إلا أنها لم تتجاوز المرتبة السابعة عشرة في قائمة اللغات الأكثر ترجمةً منها، والمرتبة التاسعة والعشرين في قائمة اللغات الأكثر ترجمةً إليها، وهو مؤشرٌ على حجم تقصيرنا، نحن أهل اللغة العربية والمتحدثين بها، لكنه في الوقت ذاته، دلالةٌ على حجم الفرصة التي يمكن استثمارها إذا ما توفّرت الإرادة لذلك، في سبيل وضع اللغة العربية موضعها الذي يليق بها، وما هذا المؤتمر، والعمل التشاركيّ الذي يتسم به، إلا إشارةٌ إلى أن الإرادة حاضرة، وما علينا إلا أن نواصل العمل بجدٍّ وبذهنٍ منفتحٍ وروحٍ متسامحة لإحداث تغييرٍ حقيقي.
وعاد الشيباني بذاكرته إلى الماضي قائلاً: «تعود بي الذاكرة، فأرى جيلاً يافعاً فتحت له الترجمة أبواباً، وبنت جسوراً مع عوالم لم يكن ليطأها لولا جهود نخبةٍ رائعةٍ من الأفراد الذين، شغفوا بمهنتهم، وآمنوا برسالتهم في أنّ الإبداع رسالةٌ عالميةٌ يمكن أن تحكى بألسنةٍ متعددة، وإذ أمعن النظر، فإنني أدرك أنّ ذلك الجيل لم يكن ليعيش قلق «هاملت» وأسئلته الكبرى ذات يوم، أو تمزق «الملك لير» وندمه، أو سذاجة «عطيْل» وغيرته، وطموح «ماكبث» ونهايته، لولا النصوص الرائعة التي قدمها له جبرا إبراهيم جبرا في «المآسي الكبرى» لشكسبير.
كما أن ذلك الجيل الحالم، لم يكن ليجول في شوارع وأزقة «سان بطرسبرغ» في روسيا القيصرية بصحبة «غوغول» و«تشيخوف» و«ديستوفسكي» وغيرهم، لولا العمل الدؤوب لأبي بكر يوسف وسامي الدروبي.
وما كان له أن يتذوق حكمة شاعر الهند الكبير «طاغور» دون النصوص الشعرية المرهفة التي خطّها بديع حقّي بقلمه، وكأنه يقول: نعم يمكن ترجمة الشعر دون أن يفقد معناه، أما «ماكوندو»، تلك القرية المنعزلة في ثنايا غابات الأمازون، فقد كان سامي الجندي هو أول من رسم للجيل خريطتها، وأرشده إلى دربها، بصحبة ماركيز.
وهكذا، كان ذلك الجيل الذي ما زال على مقعد الدراسة الخشبيّ قد جال بالفعل في قارات العالم كلها، وأبحر في أزمانٍ غابرةٍ، والتقى بأناسٍ من أجناسٍ وأعراقٍ مختلفةٍ، وعرفهم عن قرب، واشترك معهم في همومهم، فاتفقوا واختلفوا وتخاصموا أحياناً، وهو لم يبرح مكانه في تلك المدينة الوادعة على شاطئ الخليج العربي».
وأكد الشيباني أن إيمان حكومة دبي بتعزيز الترجمة نابعٌ من الإيمان بأهمية مدّ جسور التواصل بين الثقافات والأمم، فالمعرفة هي أولى الطرق نحو تحرير العقل، وكسر الصّور النمطية، وتعزيز التسامح وقبول الآخر، وأيّ معرفةٍ خيرٌ مما ينبئ به الآخر عن نفسه عبر أدبه، وشعره، وفكره المكتوب؟!
الجدير بالذكر أن مؤتمر دبي للترجمة يقام تزامناً مع إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2016 عاماً للقراءة، وإطلاق السياسة الوطنية للقراءة، ولإثراء المحتوى المعرفي باللغة العربية، وإتاحة المحتوى الإبداعي العربي للشعوب الناطقة بغير العربية، وتعزيز الإقبال على القراءة، لتمكين جيلٍ قارئ ومثقف ومنفتح ثقافياً وفكرياً، ومجتمع متلاحم ومتماسك.
شهد اليوم الأول من المؤتمر عقد أربع جلسات، تناولت أولاها «رحلة الترجمة عبر تاريخ الأدب العربي»، واشترك فيها كل من محسن الموسوي، وكلايف هولز، وتتبعت الجلسة المراحل التاريخية للترجمات من العربية إلى الإنجليزية التي بدأت بترجمة القرآن منذ العهد العثماني، وتواصلت إلى اليوم، وتظهر كثرة الترجمات التي حظي بها القرآن على مدى تلك القرون الأهمية التي أولتها المجتمعات الأخرى لهذا النص المقدس الذي هو مفتاح فهم الإسلام والشعوب المسلمة، كما تطرقت الجلسة أيضا إلى ترجمة الأدب العربي، والأهمية التي اكتسبها في العصر الحديث، وأما الثانية فكانت بعنوان «عامل الإبهار.. الترجمة من العربية إلى الإنجليزية» تحدثت فيه أهداف سويف، وهيمفري ديفيز، ودارت حول المعايير التي يجب اعتمادها في اختيار الكتب لترجمتها، والجلسة الثالثة كانت بعنوان «الترجمة التجارية هل هي اتجاه مستمر» بمشاركة: مايا كسرواني ومحسن الموسوي ومحمد حماد، ودارت حول سلبيات التهافت على أكثر الكتب مبيعا والكتاب التجارية وأفلام الرعب في الوطن العربي، وجاءت الجلسة الرابعة بعنوان «ما يستعصي على الترجمة» وتحدث فيها كل من: فراس الشاعر، وليزلي ماكلوكلين، وكلايف هولز، ومايكل كوبرسون، ودارت حول كيفية استيعاب الترجمة للكلمات الأجنبية والمصطلحات التي تستحدث.
وفي تصريح للخليج قالت شموس بن فارس المنسقة العامة لبرنامج «القراءة لحكومة دبي» إن المؤتمر انبثق عن «مختبر القراءة» الذي أقامه المجلس التنفيذي ضمن «ورش الإبداع» الهادفة إلى وضع أسس لرؤية دبي لعام 2021، تماشياً مع مبادرة دولة الإمارات بجعل عام 2016 عاما للقراءة، تلك المبادرة التي وضعتها حكومة دبي موضع التنفيذ من خلال برامج وأنشطة متعددة المجالات والمناحي.
وتوقعت شموس بن فارس أن يشكل المؤتمر مرحلة مهمة في جهود وضع دبي على الخريطة الثقافية العالمية، والهدف الأول منه هو إثراء المحتوى المعرفي باللغة العربية من خلال الترجمة، وإتاحة المحتوى العربي لغير الناطقين بالعربية بلغاتهم، من أجل تعزيز التفاهم وإقامة جسور التواصل».



Viewing all articles
Browse latest Browse all 18085

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>