نظّم اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، فرع دبي، أمس الأول جلسة حوارية ضمن فعاليات نشاطه الأسبوعي، «ملتقى الثلاثاء»، بمكتبة دبي العامة في الطوار، استضاف خلالها الشاعرة السورية الدكتورة سلمى حداد، وتناولت الجلسة تجارب حداد في الأدب والشعر والترجمة، تخلل ذلك إلقاء الحداد لعدد من قصائدها الشعرية، وقدمتها الكاتبة الإماراتية صالحة عبيد، وسط حضور كبير.
تناولت عبيد السيرة الأكاديمية والنجاحات الكبيرة التي حققتها حداد، خاصة في مجال الترجمة، لا سيما أنها حاصلة على الدكتوراه في الترجمة ونظرياتها من جامعة هيريوت وات في بريطانيا، ولها مؤلفات في هذا التخصص وفي علم اللغة الاجتماعي والدراسات الثقافية المقارنة.
تنظم د. حداد بحسب ما قدمت الكاتبة عبيد الشعر باللغتين العربية والإنجليزية، وصدر لها خمسة دواوين في هاتين اللغتين كان آخرها «الرَّجُل ذلك المخلوق المُشفَّر» وحداد عدا عن الشعر تكتب الرواية، وتعمل على وضع معاجم ثقافية باللغتين العربية والإنجليزية، إيماناً منها بأهمية الخروج عن نمطية المعاجم التقليدية، وتسلط الضوء على معاني المفردات، في إطارها الثقافي، كما صدر لها عدة مؤلفات، ودواوين شعرية مثل: «أحبك ولكنني»، و«البجعة البكماء» «أوشوش نفسي وأهرهر» وفي الرواية «سأشرب قهوتي في البرازيل»، و«سكينة ابنة الناطور» وأشادت عبيد بالدور الذي يقوم به اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، من حراك كبير يستهدف إلقاء الضوء على كافة التجارب الأدبية في الإمارات.
قدمت حداد نصوصاً شعرية من أعمالها، شملت عدداً من قصائدها القديمة والجديدة مثل: «أحبك ولكنني»، «في زحمة الموت لست أدري من أكون»، «أسمال الخريف»، «سأتبع في حبك حدثي»، «وأطلقت عصافير البيان»، «حدود الشريان»، «أسرار نارجيلة بمعسل التفاح»، «إلى حبيب مسافر»، «منولوج امرأة لا تعرف ما تريد»، و«يطيب لروحي أن تغيب في الغياب».
وتميزت قصائد حداد بشاعرية ذات مفردات في غاية الرقة، والتكثيف البياني والعمق حد الغموض، تجمع بين الشيء ونقيضه، تجعل المتلقي يتجوّل في غابة سحرية تلتف فيها أغصان الكلمات والمفردات البليغة.
ومن قصيدة «أسمال الخريف» قالت:
ها هو أيلول يأتي لابساً ثوب الخريف/ برق رعود وغيمة ولادة/ وأنين دلب هرهرت أوراقه/ تحت أقدام الرصيف
لا تعتذر من شمس صيفك قد رحل/ لا تذرف الدمع السكوب جداولا / فالنور قد أنكرت حين ملكته/ ولففت قلبك بالظلام دفنته/ وظننت أنك في تذاكيك حصيف.
وألقت أبياتا من قصيدتها: «أحبك ولكنني»:
لو كان قلبي معي في عيد الحب/ لأغرقت متاحف روما ببحور شعري
وعربشت على كل تماثيل اللوفر/ ياسمينة بيضاء
تفوح بزيوتها عطور باريس/ فتفيض ضفاف السين شوقاً إليك.
لو كان قلبي معي في عيد الحب/ لجدلت ضفائر
الشمس الذهبية على رأس القمر.
وتفاعل الحضور كثيراً مع النصوص التي قدمتها حداد، وكان لافتاً أن عبيد عندما طلبت من حداد إلقاء بعض قصائدها الإنجليزية، اعتذرت بقولها «أنا شاعرة بلا ذاكرة»، وهي تقصد ذلك الانشغال الأكاديمي في مجال الترجمة والذي جعلها غير قادرة على حفظ أي من قصائدها لا العربية ولا الإنجليزية.
وفي إجابتها عن سؤال عبيد: من الذي أتي أولاً سلمى حداد الأكاديمية أم الشاعرة أم الساردة؟.. قالت «هذا يشبه سؤال الأم عن أي أطفالها أحب إليها» في إشارة إلى أن الأكاديمية والشاعرة والروائية شخص واحد يحب كل أعماله الأدبية والأكاديمية، وتقول حداد «بدأت كشاعرة قبل أن أكون أكاديمية، ثم حديثاً روائية، هذا هو التسلسل الزمني في مسيرتي الإبداعية».
ولفتت حداد إلى أن اختصاصها الدقيق هو الترجمة، وأنها تنتمي إلى مدرسة في الترجمة رفدتها بكثير من الأبحاث على صعيدي اللغتين العربية والإنجليزية بما في ذلك تمييزها بين النصوص المنمطة وغير المنمطة، وإيجاد حلول في الترجمة فيها، وكذلك العلاقات داخل الجملة وبين الجمل بعضها بعضاً، وهو بحث أفاد كثيراً في مجال الترجمة، وكذلك التناص والسرقات الشعرية وكيفية ترجمتها، وحلول الترجمة الفورية.
وأشارت حداد إلى أنه ليس في مقدور كل من يتوفر على لغة جيدة أن يكون مترجماً جيداً، وتناول الحديث أيضا الفرق بين كتابة الشعر بالعربية والإنجليزية، وتجربة خوض حداد لتجربة الرواية، حيث أكدت حداد أنها قد دخلت عالم الرواية حديثاً مستجيبة لإلحاح داعبها باكراً، معبرة عن أسفها لهذا التأخير.