أصبح من المعتاد أن يجيب أي متفرج عن رأيه في رواية ما بأن قصتها لم تعجبه بعد مشاهدته للفيلم أو المسلسل المأخوذ عنها، أو بأنه اكتفى بمشاهدة الدراما ولم يعد يحمل شغف قراءة القصة الأصلية.
ومع تزايد نسبة إنتاج الأفلام المعتمدة على روايات فقد نجحت بذلك في السيطرة على آراء النقاد والجماهير لأنها أولاً تلعب دورها في إشعار المشاهد بأنه لم يضيع وقته في مشاهدة فيلم مادام يعتمد على رواية تلخص رحلة فكرية وثقافية ستلغي عنه شعور الذنب لأنه لم يقرأ، ولأنها ثانياً تقدم للمنتج والمخرج والمتفرج قصة جاهزة النجاح ستلقى إقبالاً على مشاهدتها بعد أن تم تجسيدها إلى واقع مرئي.
ومع هذا فلا شيء أسوأ من تقييم رواية بناء على فيلم سينمائي أو مسلسل درامي، لأن هذا التقييم يستهين بالرواية ولا يشفع لمن يتجاهل قراءتها بذريعة مشاهدة الفيلم ولا شبع أي طرف من أطراف المعادلة ثقافياً. وهذا في الحقيقة يعتبر ظلماً فادحاً يوقعه النقاد أولاً ومن ثم المشاهدون على الإبداع الأدبي، فالكلمة يمكن أن تصور المشاهد في مخيلة القارئ، لكن الصورة لن تمنح كل المشاهدين القدرة على التعبير عن مشاعرهم كما عبر عنها الكاتب.
ورغم أن معظم الأفلام المقتبسة أو المعتمدة في قصتها على روايات ستبدو ممتعة ومحبوكة بشكل جيد، لكنها في نهاية اليوم، لا تعد أكثر من ملخص لفكرة الرواية فقط، بينما كيانها الحقيقي وهو السرد مفقود فأهم من القصة إبداع الكاتب في صياغة عباراته وتفاصيل حكايته.
وأسوأ ما تفعله الأفلام المنقولة عن روايات أنها تحجم مخيلة المشاهد، وتضع أمامه صورة جاهزة للشخصية والمكان والحدث، بحيث سيعجز لاحقا عن تركيب القصة على صورة شخصياته الخاصة والذين يرغب في استعادتهم في حياته أو استرجاعهم في ذاكرته من خلال الروايات.
ولا شك بأن نجاح الأفلام والدراما، الذي يعتمد على اقتباساتها من الكتب والروايات، يعتبر فشلاً للكتب نفسها لأنها لن تجد من يقرأها إلا القليل بينما سيتجاوزها الأغلبية لأنهم شاهدوا الفيلم ولم تعد بهم حاجة لقراءة النص كما يظنون.
وربما يكون الحل الأمثل في مثل هذه الحالة، عدم تسرع الكتاب وتلهفهم على تحويل رواياتهم إلى أفلام لا تترك لها مجالا للحضور على الساحة الثقافية والأدبية، وتركها تعثر على نجاحها الشخصي عبر القنوات الطبيعية المعتمدة على ملتقيات وصالونات لمناقشة الرواية لأن عقد مثل هذه الجلسات يتيح الفرصة للجميع للاستفادة من آراء النقاد والكاتب نفسه حول إبداعه ورسالته الخاصة، وغير ذلك من المراجعات الأدبية والمقالات النقدية والتي من شأنها أولاً توثيق الرواية وحضورها على الساحة الثقافية وإشباع الكاتب فكرياً وثانياً تسمح له باستشفاف حقيقة إبداعه الأدبي أولاً وأخيراً.
basema.younes@gmail.com