Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18097

الشعر في الطليعة

$
0
0
غيث خوري

لأن الشعر هو أحد الركائز التي يستند إليها التاريخ العربي وهو حاضن الأمة الذي استطاع أن يحفظ هويتها وجغرافيتها من الاندثار، حتى بتنا نستهدي على معالم وأماكن تاريخية في ثقافتنا العربية من القصائد التي تناقلت إلينا حتى اليوم، كان من الضروري حفظ هذا الفن وصون ثرائه ومعجمه اللغوي والإبداعي والجمالي، والمضي به نحو أفاق المستقبل ليستمر دوره الفعال والخلاق في إثراء الحاضر والمستقبل.
لذا فإن بيوت الشعر التي انطلقت من الشارقة نحو أرجاء الوطن العربي، جاءت لتؤكد دور الشعر العربي وتعزز مكانته وترسخ حضوره، وتعيد التوازن والاعتبار للمشهد الشعري العربي، وتجمع الشعراء تحت منصات رعاية تحقق لهم التفاعل الحي، وتكشف عن الأسماء الشعرية الجديدة التي تستحق الظهور والوجود لتحقق دورها في دفع العجلة الإبداعية العربية.
ومع انطلاق فعاليات الدورة الأولى من مهرجان القيروان التي ينظمها بيت الشعر في مدينة القيروان بتونس حالياً، وما سبقه من تنظيم بيت الشعر في الأقصر مهرجاناً للشعر، وقبله استضافة بيت الشعر في المفرق بالأردن لمهرجان مماثل، ومثل ذلك فعل بيت الشعر في نواكشوط، تتبين الجدية التي يسير فيها هذا المشروع، والعمل الدؤوب الذي يقوم به كل المرتبطين بهذه الفكرة وبهذا الهدف النبيل، لتحقيق وإنجاز المأمول على أرض الواقع، ليكون الفعل والعمل مصاحباً للقول والوعد الذي قطعته الشارقة في إعادة وهج الشعر وألقه، وإعادة إشعاع الشعر العربي ودوره في حماية اللغة العربية والهويّة العربيّة والارتقاء بالذائقة الفنيّة من خلال الشعر وانفتاحه على بقيّة الفنون والارتقاء بالشعر وتطويره والحفاظ عليه كثروة ثقافيّة برمزيته وتاريخه وتوفير فضاءات يلتقي فيها الشعراء ويطّلعون فيها على تجارب بعضهم بعضاً.
من المفرق الأردنية، والأقصر في مصر، إلى القيروان في تونس، ونواكشوط في موريتانيا، وتطوان المغربية، تمضي مسيرة بيوت الشعر على قدم وساق، تجتذب خيوط الإبداع من حولها وتغزلها وتحيكها مؤسسة لمشهد ثقافي متفرد أصيل يستمد ألقه من حضوره التاريخي وجذوره الضاربة في المجتمع والثقافة.
تتوسع أدوار بيوت الشعر في البلدان العربية، لتتجاوز تنظيم الأمسيات والندوات، فتتحول إلى مراكز لتعليم الثقافة الشعرية، وفنون العروض، وغيرها من أشكال التعليم الأكاديمي، لتكتمل بهذا دائرة المعرفة، ويكتسب الشعراء الجدد إلى جانب ملكتهم الفنية الأدوات والوسائل الأساسية التي تخولهم الانطلاق في عوالم وبحور الشعر وفضاءاته اللانهائية.
هذه التظاهرة هي بمثابة إنجاز ثقافي، كونها تتيح المجال للكلمة الشاعرة أن تحتل مكانتها، وتستمر باعتبارها أحد الأسس التي نبني عليها ثقافتنا العربية المنفتحة على كل ما هو جميل وبديع وإنساني، فبيت الشعر ليس للشعر وحده، بل هو للمعرفة والثقافة والجمال الفني.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 18097

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>