تعكس العناوين الأجنبية بلغات عالمية حية في مهرجان طيران الإمارات للآداب، كما يعكس الحضور لفئات اجتماعية مختلفة في الأجنحة الشغف الملحوظ بالكتاب.. نقول، كل ذلك يعكس الروح القارئة أو الطبيعة القارئة للمتعاملين مع المنتج الثقافي والأدبي والفني من جانب الجاليات الأجنبية المقيمة في البلاد والتي تشكل أكثر من مئتي جنسية، وفي ضوء ذلك، فنحن بالفعل في الإمارات نعيش مفهوم التعايش الثقافي بمعناه العملي التطبيقي وليس النظري فقط، ويبدو ذلك جلياً وواضحاً من خلال طبيعة جمهور المهرجان المتنوع.
هذه نقطة، يلفت النظر فيها روح المهرجان نفسه، فهو مهرجان فرح إلى جانب كونه مهرجان ثقافة وسلعة وفنون وآداب، وهو أيضاً وهذا المهم مهرجان الطاقة الإيجابية والسعادة والتفاؤل، والمهرجان ليس فعاليات وندوات وقراءات فقط، بل هو أيضاً بشر وناس.. رجال ونساء، شباب وشابات وأطفال سعداء بتظاهرة دبي العالمية، وإيجابيون في فكرهم وسلوكهم وتعاملهم الاجتماعي المشترك.. إن هذا الانطباع واضح تماماً لمن يتتبع النبض البشري والإنساني لرواد المهرجان الذي يقع في منطقة هي واحدة من أجمل جغرافية دبي، حيث يقع فندق «انتركونتيننتال» على لسان مائي مفتوح مطرز بالقوارب وطيور النورس، وهذا وصف جمالي شعري لمكان المهرجان يتماهى مع الجمالية والشعرية الملموسة في البيئة النفسية والاجتماعية والثقافية لهذا الحدث العالمي.
نضيف هنا إلى تفصيلية القارئ الأجنبي، أن هناك قارئاً عربياً أيضاً يراوح بين الكتاب العربي والكتاب الأجنبي ما يعني أن هناك قارئاً مثقفاً في الإمارات ويعرف جيداً خياراته، كما يعرف جيداً العنوان الذي يذهب إليه.
أمس الأول، وفي إطار ما نتحدث عنه الآن على صعيد الكتاب كانت الفعاليات المتصلة بالرواية بشكل خاص هي البوابة الثقافية الأولى لأجندة المهرجان.. هناك أربعة كتّاب عالميين تحدثوا بعمق عن أعمال سردية تواكب النفسية البشرية، وفي السياق كان ارنست همنغواي حاضراً في صورة حفيده جون همنغواي، وباختصار، تبدو الرواية أو فن الرواية العربية والأجنبية ركناً مهماً في رؤية المهرجان، وهنا، نتذكر أن الدورات الثماني السابقة اهتمت أيضاً بالرواية، كما اهتمت بالشعر والموسيقى والدراما والمسرح.. وبكلمة ثانية مهرجان طيران الإمارات للآداب هو مهرجان تنوع أدبي في أحد تفصيلاته. مهرجان يقرب بين آداب الشرق والغرب، وآداب الشمال والجنوب. يقترب من الكلاسيكيات الروائية، كما يقترب من التجارب الروائية الحداثية أو المعاصرة.. ومرة ثانية، يحملنا المهرجان على التأكيد على تنوعه وعالميته.
مهرجان طيران الإمارات للآداب يحمل رمزية عالمية جمالية من خلال اسمه:.. إن الطيران هو رؤية العالم والطيران هو السفر والمتعة والاكتشاف والتجدد، والطيران إقلاع وهبوط آمن وأمين، وبذلك، فالفنون والآداب والثقافات هي أيضاً سفر ومتعة واكتشاف.. ورؤية العالم ورؤية ثانية للعالم.
يوسف أبولوز