أصدر الكاتب الليبي أحمد الفيتوري ثلاثية روائية بعنوان «ألف داحس وليلة غبراء» وهي تتكون من ثلاثة أجزاء: «غابة الأشجار الميتة- غابة القضبان الحية - غابة الرؤوس المقطوعة»، وقد قضى الكاتب عشر سنوات في سجون القذافي، بين عامي 1978 و1988 ثم خرج ليعمل في الصحافة، ويصدر الكتب في النقد والشعر والرواية، فله في النقد «المنسي في الطين- مبتدأ في الفكر والثقافة»، وفي الرواية «سيرة بنغازي - سريب» وفي الشعر «الذئبة تعوي في السرير الخاوي- قصيدة حب متأبية»، كما أنه أصدر في المسرح عدة كتب منها «شيء ما حدث شيء ما لم يحدث» و«شارع بو خمسين».
لماذا قررت استدعاء التاريخ في رواية «ألف داحس وليلة غبراء»؟
- الرواية ليست مطالبة بشيء، فهي التي تحدد مساراتها بذاتها ونسيجها، والقماشة التي ينسج منها، وأعتبر أن «ألف داحس وليلة غبراء» ليست وثيقة وأنا لست مؤرخاً، فقد سردت مسرودات شخصيات عدة وفي أزمنة مختلفة، حتى أن المكان لا يشار إليه إلا عابراً، فلم أستوح حقيقة واقع بعينه وإنما تجربة إنسانية في مكان وزمان معينين، وككل كتابة حتى عن المستقبل مرتكزها واقع ما وتجربة ما.
البحث في التاريخ هل هو للكشف والمراجعة والتذكير؟
- في الحقيقة التاريخ أداة من أدوات الرواية، خاصة عندما تتحدث عن حادثة تاريخية أو تجربة واقعية، فالجانب التاريخي يمنح الرواية فرصة لأن توظفه في العملية البنائية الروائية، وهو ليس أساساً في العملية الروائية لكن مثله مثل الفلسفة والشعر وغيرها من الأشياء التي يوظفها الروائي في روايته.
هل تنحاز إلى الرأي القائل إن مهمة الرواية رصد ما استعصى على النسيان من الأحداث والأماكن والأسماء؟
- رأيي العكس، فالرواية والسرديات كما الأساطير، منشؤها الخيال الخصب، ولو كانت واقعية وصفية، فالأحداث والأماكن والأسماء ليست هي ذاتها في الرواية فإنها في الرواية مبتدعة ولا تشكل الذاكرة إلا ما تشكله في حياة البشر، كل سارد يعيد تشكيل مسروده، لم نقرأ في غير ألف ليلة وليلة بغداد المسحورة، فبغداد ألف ليلة وليلة ليست بغداد التاريخية، بغداد ألف ليلة وليلة مرتع كل الكائنات البشرية وغير البشرية، وفيها الجن والإنس يلتقيان في الأزقة والشوارع كما في فيلم فانتازيا رفيع.
أين أنت من الشعر الآن؟
- الشعر والحرب وقعهما ثقيل على المرء، فالشعر في الحرب يعلو على أزيز الرصاص، أو كما قال صديقي الشاعر سالم العوكلي، بالنسبة لي الأمر أن الشعر غادرني حين خنته، عند الانغماس في السياسة التي فرضت علينا فرضاً وهي من لزوم ما لا يلزم في مذهبي، والشعر في المضمار العربي المتقدة نيرانه غدا غريباً، حصر في الزاوية الحرجة، رغم أن الشعراء لم يكفوا عن النزف، لكن طبول الحرب اجتاحت وتريات الموسيقى فغدا الغناء عاري الجرح، وينز بالألم، وفي النفوس الشعر كامن وينقش في الصدور التي ستفصح بمكنونها في حينها.
كيف ترى المسرح العربي حالياً؟
- المسرح يبدو غادراً، مسرح العالم كما الملاحم الكبرى، وهو الآن مبثوث في السينما ودراما التلفزيون والرقص، ويبدو أنه كأب للفنون يعيش في كنف أبنائه الشرعيين وما شابه.