لئن كان للمهرجانات المسرحية أهميتها في رفد الساحة الفنية وتطويرها، وتحريك الساكن، خاصة تلك المهرجانات الكبيرة في العالم العربي، فإن الأزمة الحقيقية هي ارتباط العروض ونشاط الفرق المسرحية بالمهرجانات، وانتظارها عاماً كاملاً من أجل مشاركة جديدة، مما جعل العمل المسرحي، موسمياً يرتبط بقيام المهرجان، وينتهي بانتهاء المهرجان، في حين أن المفترض أن تعمل الفرق المسرحية، على العمل طوال أيام السنة، وهذه الظاهرة واحدة من المشاكل التي تهدد استمرارية العروض المسرحية، ومسألة الاستمرارية هذه في غاية الأهمية، إذ لا مسرح، ولا حركة مسرحية ناهضة بلا استمرارية.
ولعل مناقشة هذه المسألة المتعلقة بموسمية النشاط المسرحي، يصب تماماً في عمق مسألة تراجع المسرح وأزمته في العالم العربي، فالواضح أن هذا التراجع مرتبط تماماً بفكرة القائمين على المسرح، وأي مسرح يريدون، كما أن العمل الفني المسرحي كفعل إبداعي يتطلب رؤى وطرح أسئلة يومية وما لم يتحول التفكير تجاه المسرح، إلى تفكير يومي مستمر، فهذا لن يخرج المسرح العربي ككل من أزمته، ومن الاستلاب الثقافي الذي يعانيه، كونه يتطلع إلى ثقافة مختلفة، في سياق تأثره بالمسرح الغربي.
والملاحظ في كثير من بلدان العالم العربي، ذلك الاندفاع الكبير من قبل الشباب نحو المسرح، لكنهم يصابون بالإحباط فيجدون أنفسهم حائرين وغير قادرين على ترجمة طموحاتهم على أرض الواقع.
وبطبيعة الحال فإن المسؤولية هنا تقع على الدول، وعلى الناشطين والمشتغلين بالمسرح، فهؤلاء الشباب بحاجة إلى الاهتمام والدعم بشقيه المعنوي والمادي، من أجل صناعة حركة مسرحية حقيقية، على ذات النحو الذي نجحت فيه الشارقة من قيام مهرجانات مسرحية، صار يشار إليها بالبنان، وصارت قبلة لشباب ومسرحيي العالم العربي، وهي المهرجانات التي شكلت دعماً مستمراً للحركة المسرحية في الإمارات.
إن معالجة إخفاقات تأخر المسرح في الوطن العربي، تبدأ عندما يصبح المسرح هماً يومياً.
alaamhud33@gmail.com