Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18068

قوة الخيال

$
0
0
لا يمكن لأي فن أدبي أن ينجح من دون استثمار قوة الخيال، والخيال هو العنصر الأول الذي يجعل من الأدب أدباً، وهو الذي يشعل خشبة المسرح بطاقة متجددة من الأسئلة والتفاعل الخلاق، وهو أيضاً قوة كامنة في عناصر اللوحة فتكسبها قيماً جمالية وفكرية قابلة للتفكر والمناقشة.
الخيال لا يقتصر على الآداب والفنون فحسب، بل هو أساسي في الفلسفة وهنا، نتذكر الفيلسوف كانط الذي نظر إليه بوصفه عنصراً يسهم إسهاماً أصيلاً في تكوين العالم، وأكثر من ذلك فقد اعتبر كانط أنه لا غنى لأية قوة من قوى الإنسان عن الخيال، وفي ذلك يقول: «قلما وعى الناس قدر الخيال وخطره»، وقال أيضاً: «إن ملكة الخيال ضرورة هامة وأساسية في جميع عمليات المعرفة».
يتحرك الخيال في مساحات العقل، والتفكير، والذاكرة، هنا نحن نتحدث عن تاريخ بشري، هو بالضرورة متغير بتغير الإنسان ومتطور بحدود تطور وعيه، الخيال هنا، بوابة المعرفة، وهو بمثابة قوة روحية، يمكن أن تتطور بتطور الإنسان في بيئته، وبحكم تطور البنى الفكرية والاجتماعية التي تعيش في زمنه.
الخيال عنصر أساسي في تطور العقل وإثراء البصيرة والإلهام، وعلى سبيل المثال لا يمكن تخيل المسرح من دون أن يكون الخيال حاضراً في كل تفاصيل الخطاب، عند كل من الكاتب والمخرج والممثل ومصمم الإضاءة والأزياء والموسيقى وبقية العناصر. الخيال في المسرح يثري المتلقي، ويعمق وعيه بنفسه، ويزيد خبرته في الحياة، الخيال في المسرح هو معيار مهم في الحكم على أصالة التجربة
في الرواية حضر الخيال بوصفه قوة يستطيع الروائي أن يوظفها لتكوين عوالم موازية للواقع. «زوربا اليوناني» هو شخصية منسجمة في تناقضاتها، نجح نيكوس كازنتزاكيس في توظيفها، فوصفت بأنها من الشخصيات الروائية النادرة التي أثرت في الفكر الإنساني، زوربا في الرواية، كان بالنسبة إلى كثيرين «حالة إنسانية ملهمة».
استرعى الخيال تجليات الكثير من الكتاب والمفكرين، قال عنه نابليون بونابرت «الخيال يحكم العالم»، وقارن إينشتاين بينه وبين المنطق، حيث قال «المنطق يأخذك من أ إلى ب، والخيال يأخذك إلى كل مكان».
عثمان حسن
ohasan005@yahoo.com

Viewing all articles
Browse latest Browse all 18068

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>