الشارقة: علاء الدين محمود
تنفتح رواية «حمام الدار.. أحجية ابن مرزوق»، الصادرة عن الدار العربية للعلوم - ناشرون، ومنشورات ضفاف، للكاتب الكويتي سعود السنعوسي، على تأويلات عدة، ويكاد أن يكون فضاؤها غائماً محجوباً إلا بمقدار تأويلي بحسب الرؤية والثقافة التي ينطلق منها كل قارئ، إذ تحفل الرواية بكثير من الرموز والدلالات الغامضة والعميقة، والتي يحشدها الكاتب في متن النص السردي الحافل باللغة الشعرية التي لا تخلو من مواربات وضمنيات، يكشف عنها السرد رويداً رويداً، وهي أسلوبية مختلفة وتحمل في ذات الوقت كثيراً من المتعة إذ تعتمد على اكتشاف التفاصيل المختبئة، حيث يجنح الكاتب نحو طرح رؤية فلسفية، لا تعلن عن ذاتها مباشرة، مما يخلق شغفاً كبيراً لدى القارئ على المتابعة، لاكتشاف المعنى الكامن بين السطور.
تتناول الرواية قصة رجلين يدعي كل واحد منهما أنه روائي كتب شخصية الآخر، وتمضي الأحداث في صراع الشخصيتين لإثبات أيهما الحقيقية وأيهما الشخصية الورقية المبتدعة، وهذه هي الفكرة التي ستخلق لدى المتلقي تساؤلات عميقة عن كينونته ووجوده، فشخوص الرواية سيصبحون هم جمهور القراء، وربما هم فئة خاصة يمثّلون نخبة استهدفها الكاتب، ليمارس معهم لعبة القدح الذهني حول سؤال الوجود، الحقيقة، الواقع، الخيال وهكذا.
ويجمع معظم الذين طالعوا الرواية من خلال مداخلاتهم في المواقع القرائية، على أن موضوع الرواية قد شكل مفاجأة بالنسبة إليهم، فهو مختلف عن معظم كتابات المؤلف السابقة، حيث وجدوا فيها غموضاً مبدعاً، وصعوبة محرضة على الاكتشاف، وتحفيزاً على التفكير الفلسفي، ويقول أحد القراء: «إن سعود السنعوسي في الرواية شرع فعليًا في صناعة قارئه الخاص، قارئ نموذجي صبور يتتبع أدوات الكاتب المستخدمة لبناء الفكرة والمعنى، لا يخوض النص محملًا بأي تصور مسبق حتى ولو كان هذا التصور مبنيًا على إحاطته بأسلوب الكاتب نفسه في رواياته السابقة، وعلى الراغب بكتابة مراجعة لرواية من مثل هذا النوع أن يكون حذرًا جدًا، ومن الأفضل أن يتحاشى نشر أي جهد تأويلي على الأقل في السنة الأولى من صدور الرواية. حيث إن هذه -الرواية الأحجية - بنيت بشكل أساسي على تقنية الإضمار والكشف التدريجي للأفكار والأحداث»، ويقول آخر: «إن اللغة الفكرية التي تحمل في طياتها تأويلات تختلف باختلاف ثقافة القارئ، ووفقاً لاستنتاجاته التي هي أشبه بالنهايات المفتوحة كما أراد لها مؤلفها»، بينما يقول أحد القراء:«هذه الرواية أخذتني من تلابيبي وهزّتني هزّاً لم أعهده من قبل! نصّ عجيب ومعقّد بشكل لا يُوصَف. بدأتُ به وأنهيتُهُ دون أن أحسّ بالوقت، ودون أن أشعر بما يحدث حولي. اللغة عظيمة، سهلة ممتنعة. والصور الفنية مذهلة. وطريقة سرد الحبكة آسِرة. والأسلوب الذي دمج فيه السنعوسي القصص من مؤلّف إلى آخر ومن زمنٍ لآخر هو، بلا شكّ، أسلوب يليق فقط بروائي كبير».
تقول قارئة: «إن الرواية ليست للقارئ العادي، ربما للنخبة أو الأكثر صبراً على فك شفرتها، لن تعرف من يكتبها ومن هم شخصياتها، وفي لحظة عابرة تشعر وكأنك في ظل التيه غدوت واحداً من الشخصيات، تضيع في الرواية إلى أن تمسك خيوطها».
وربما أن اختلاف فكرة الرواية دفع معظم القراء إلى الاحتفاء بها، فهي تقدم عوالم مغايرة عن التي اعتادوا عليها، وإن كانت ثمة ملاحظات على الرواية من قبل القراء، فهي تلك التي تشكو من صعوبتها وغموضها، والتي ترى أنها نص متفرد لكنه مربك بعض الشيء.