Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | ثقافة
Viewing all articles
Browse latest Browse all 18117

«الحلاج وحيداً».. رسالة إصلاح اجتماعية

$
0
0

دبي: محمد ولد محمد سالم
استضاف مسرح مؤسسة العويس الثقافية في دبي مساء أمس الأول وبالتعاون مع مركز ديرة الثقافي مسرحية «الحلاج وحيداً» وهي من إخراج عمر غباش الذي أعدها عن مسرحية «مأساة الحلاج» لصلاح عبد الصبور.
جاءت المسرحية في شكل مونودراما، ومثّلها عمر غباش نفسه، وهي تتناول شخصية الحسين بن منصور الحلاج المتصوف الذي عاش في منتصف القرن الثالث للهجرة، وتتكوّن من فصلين أطلق عليهما الكاتب أجزاء، الجزء الأول: «الكلمة» والجزء الثاني: «الموت»، وقد استعاد عبد الصبور شخصية الحلاج في ثوب جديد، حيث اعتبره مصلحاً اجتماعياً غاضاً الطرف عن جوانبه الأخرى التي لا تظهر في المسرحية إلا كخلفية لذلك الجانب الاجتماعي الذي أراد عبد الصبور إبرازه مسقطاً إياه على واقع الوطن العربي قبيل نكسة حزيران/يونيو 1967، حيث الأوضاع الاجتماعية متردية، والشعوب جائعة، والعدل الاجتماعي غائب، والناس تعيش في الجهل، والجور هو السمة العامة، فظهر الحلاج مصلحاً اجتماعياً وداعية إيقاظ ووعي، يسعى إلى تبصير الناس بواقعهم، ولكي يتعلموا ويخلعوا عنهم أردية الجهل، ويتخلوا عن حظوظ النفس الفردية، وينبذوا الظلم والجور، ويقيموا العدل بينهم، ويصفّوا قلوبهم للحب، ويرتقوا في مدارج الإيمان لأنه بالإيمان والحب يشيع الخير بين الناس، وإذا غاب الحب والإيمان من حياتهم، تكدّر الكون وانقلبت الحياة إلى جحيم، يقول عبد الصبور عن الإنسان الذي لا ينير قلبه بالحب:

يضيق الكون في عينيه، يفقد ألفة الأشياء

تصير الشمس في عينيه أذرعة من النيران
يلقي ثقلها المشاء
على وجه السما والأرض ألوانا من اللهب
ويضحى البدر دائرة مهشمة رمادية
من القصدير ميتة وملقاة على بيداء
فقد جفت عيون الناس أضحت نقطة سوداء
وتذوي عروق الأشجار، تلقي حملها للأرض
وتدفنه كمجهِضة تكفن عارها في الطين
ويمشي القحط في الأسواق يجبي جزية الأنفاس
من الأطفال والمرضى.

وعلى إثر هذه الدعوة يرى السلطان أن الحلاج يشكل خطراً على سلطته واستتباب أمره لأنه سوف يؤدي وعي الناس بحقوقهم، وامتناعهم عن دفع الإتاوات، وقد يؤدي ذلك إلى الثورة، فلذلك أمر بالقبض عليه، وحبسه ثم تسليمه لقاضي السلطان الذي حكم عليه بالصلب، وهكذا استطاع عبد الصبور أن يستغل شخصية الحلاج بشهرتها وتعدد جوانب النظر إليها لتقديم رسالة إصلاح اجتماعية.

لكنّ عمر غباش في عرضه لم يلتزم كلية بنص عبد الصبور، بل أضاف إليه الكثير من أشعار الحلاج التي تغنى بها في الحب الروحي، مستغلا الجوانب الصوفية لهذه الشخصية التاريخية، وكذلك جعل العرض مونودراما خلافاً لمسرحية عبد الصبور التي تتعدد فيها الشخصيات، وكان الديكور في العرض مبسطاً، مقتصراً على حبال مدلاة من أعلى سقف المسرح إلى أرضية الخشبة كرمز للمصير الذي صار إليه الحلاج وهو القتل شنقاً، دون أن يلجأ العرض إلى إظهار الصلب.

يُذكر أن مسرحية «الحلاج وحيدا» مثلت الدولة في مهرجان المونودراما في الكويت، وعُرضت ضمن المهرجان الثقافي لجامعة فاس بالمغرب وحظيت بتكريم خاص من إدارة المهرجان.



Viewing all articles
Browse latest Browse all 18117

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>